Saturday, February 10, 2007

الوهابية صنيعة اليهود والنصارى


يصعب على المسلم أن يتصور لحىً طويلة، ومآزر إلى أنصاف الساقين تتباكى في حرم الله الآمن، بمكة المكرمة؛ وتكون في ذات الوقت صنيعة من صنائع اليهود والنصارى علمت بذلك أم لم تعلم، ولكنها الحقيقة المؤلمة المتمثلة في الوهابية،
نعم نقول ذلك وبثقة كبيرة، وبأدلة مقنعة سنسرد شيئاً منها في هذا المقال، ونعتذر عن بعضها الآخر إذ ليس كل ما هو صحيح يمكن أن يقال، ونعلم في ذات الوقت أن هناك الكثير من أهل النيات الطيبة يسيرون في خطى الوهابية وقد غُرِّرَ بهم لسبب أو لآخر، وبعض جهدنا هذا هو لإنقاذ هؤلاء من براثن الفتنة الوهابية قبل أن تحتويهم بسرطانها الخبيث.
· من حيث التنظير فقد اهتمت العقيدة الوهابية اهتماماً كبيراً بعقيدة التجسيم، وهي عقيدة نصرانية محضة، استقاها ابن تيمية من خلال الترجمات للكتب النصرانية ولا غرو فقد كانت بلاده حران مركزاً شهيراً لترجمة كتب اليونان، ولقد حكم علماء أهل الشام بضلال ابن تيمية لعقيدته الفاسدة، وأودع سجن القلعة الشهير إلى أن مات؛ ولقد أحيا الوهابية هذه العقيدة النصرانية، وتم استعراض الناس في جزيرة العرب بالسيف لاعتناقها، واستحلوا دماء الموحدين وأموالهم في سبيل ذلك.
· أما من حيث الواقع العملي فقد كان الجيش الوهابي يلقى الدعم والتدريب مباشرة من وزارة المستعمرات بالهند، وقد سلَّم جون فيلبي إلى أمير الوهابية مبالغ طائلة من الجنيهات الذهبية، وريالات ماريا تريزا، كما كانت المساعدات السنوية للوهابية تبلغ ستين ألف ريال، ولدى بدء العدوان البريطاني على البصرة تم صرف مائة ألف ريال من بريطانيا للوهابية للبدء بتجنيد القبائل، لحرب ابن رشيد ومشاغلته عن نجدة قوات المسلمين بالبصرة، مع تعهد الإنكليز بتوفير المشورة[1]، ووصلت الأسلحة تباعاً بعد ذلك، ولما نشبت المعركة كان العميل البريطاني جون فيلبي الذي خطط للمعركة يراقب سير المعركة من برج قريب مخافة أن يصيبه ما أصاب سلفه شكسبير.[2]
لماذا كل هذا الولع من بريطانيا بالوهابية؟!
أولاً: لقد علمت بريطانيا أن لا حياة لها في جزيرة العرب – ذات المستقبل الزاهر بالذهب الأسود – إلا بقتل الجهاد؛ فهي ما تزال جراحها تنـزف من سِهام مسلمي شبه القارة الهندية ! أفتتركه يكون عائقاً أيضاً في جزيرة العرب؟!
إنَّ الإنجليز الذين لا تنقصهم دروس الدهاء والمكر رأوا في الحركة الوهابية الناشئة، المولعة بالتوسع خير من يشغل المسلمين عن الجهاد، فأمدتهم بريطانيا بالمال والسلاح والقادة النصارى، وأصبح الجهاد في العقيدة الوهابية حرباً طاحنة بين المسلمين بدعوى البدعة والشرك. ومن يقرأ حروب الوهابية في أرض الجزيرة العربية وما حولها يلاحظ ذلك بجلاء، فخلال تأريخ الوهابية كله لم يسجل لها التاريخ مواجهة واحدة مع اليهود أو النصارى، فيحني الوهابية للنصارى رؤوسهم حتى عندما يؤدبهم الإنجليز ساعة تجاوزهم الحدود المرسومة لهم[3]!! بل سِجلّهم حافل بقتل أهل مكة والطائف والمدينة المنورة وقطر والكويت وعمان والبصرة وبلاد الشام واليمن وكل من نالته أيديهم من المسلمين كالمغاربة والمصريين والإيرانيين والأتراك، وهم يتفاخرون بهذا التاريخ الدامي – من غير خجل - في مؤلفاتهم!
ثانياً: كانت الدولة العثمانية شجاً في حلوق النصارى واليهود، فكانت إحدى الخطط لهدمها استخدام الوهابية لتقليص نفوذهم في البلاد العربية، فكانوا سندهم المادي والمعنوي. ولما رأى النصارى واليهود انتصارات محمد علي على الوهابية وأنه قاضٍ عليهم لا محالة - مثلما كاد أن يقضي عليهم عام 1818م حين احتلت قواته الدرعية وأرسل أميرها إلى استنبول ليقطع رأسه هناك - هرعت إنجلترا والنمسا وروسيا لعقد مؤتمر طارئ في صيف عام 1840م دعو إليه تركيا لمناقشة الوضع والوصول إلى تسوية‍!
وقد قام الوهابية بدورهم المرسوم خير قيام فقد كانت معاركهم في شمال نجد ضارية ضد آل رشيد الموالين للسلطة العثمانية، وقد حاول العثمانيون إطفاء نار الفتنة سنة 1914م فاعترفوا بسلطة الوهابية على نجد، ولما طلب أنور باشا باسم الدولة التركية، وحسب اتفاق سابق بينه وبين الوهابية أن يشتركوا في الدفاع عن البصرة ضد الاحتلال الإنجليزي أجابوه بأنهم مشغولون بقتال ابن رشيد![4] ولقد علَّقت وزارة الهند الإنجليزية بتاريخ 31 كانون الثاني 1915م بالرضى على ذلك، والشكر لمشاغلة ابن رشيد عن نصرة العثمانيين، وأكثر من هذا فقد جاء في شهادة المستر كينيث توماس أن زعيم الوهابية كان حليفاً دائما لبريطانيا (وساند البريطانيين وحلفاءهم، ودرَّب جيشاً في العمليات الحربية ضد الأتراك سنتي 1914 و1915م)[5].
وعندما عجزت بريطانيا عن إكراه العراقيين على قبول الانتداب البريطاني سنة 1922 كما ذكر السيد عبدالرزاق الحسني في كتابه (تاريخ الوزارات العراقية) ما كان من بريطانيا إلا أن حركت عملاءها الوهابية للإغارة على أطراف عشائر المنتفق[6] ليلة 11 مارس، ليرتمي العراقيون في أحضان بريطانيا كي لا تتكرر مآسيهم، فبعض الشرِّ أهون من بعضِ. وفعلاً تمَّ ما أرادته بريطانيا بفضل الوهابية!
ولأن الشيء بالشيء يذكر فلا بدَّ أن نعيد هنا نشر برقية أمير الوهابية في نجد إلى المندوب البريطاني السير برسي كوكس ابتهاجاً بمناسبة احتلال الإنكليز للبصرة وانتزاعها من أيدي المسلمين قال فيها: (سيدي برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى دام عزها.
دخول جيوشكم الإنكليزية العظيمة للعراق نصر مبين للمسلمين، وعزٌّ مكينٌ لنا. عبوديتنا وخدمتنا لبريطانيا العظمى وولاؤنا لكم إلى الأبد)[7]
وقد حاول الوهابية خدمة الإنكليز حتى خارج إطار المنطقة العربية، وذلك بحل عقدتهم مع مسلمي شبه القارة الهندية، فقد ذكر الدكتور صلاح العقاد بأن أمير الوهابية أرسل ابنه لتشجيع مسلمي الهند للقتال في صفوف الإنكليز في معركة العلمين.[8]
لهذا فلا غرو أن يهتم النصارى الإنجليز بمساندة الوهابية في كل موقف، وحينما رأوا أن جيش الإخوان قد يقضي على آمالهم باكتشافه التواطؤ مع النصارى سارعت بريطانيا علناً لقصفهم والقضاء عليهم عام 1930م.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ديكسون، الكويت وجاراتها، وقد ذكر أن الكولونيل هاملتون والكولونيل كانليف أوين ممثلي المخابرات البريطانية قد انطلقا إلى نجد لهذه المهمة
[2] خيري حماد، (عبدالله فيلبي )، ص 215
[3] ومثال ذلك تصرف الوهابية عندما أدبهم الإنجليز بسبب قتل بعض رعاياهم الهنود في مدينة صور العمانية، فتذلل الوهابية للإنجليز مباشرة وأظهروا الندم، ولم تكترث بريطانيا قبل ذلك وبعده بقتل الوهابية لأهل الجزيرة!!
[4] الخطيب، صفحات من تاريخ الجزيرة، دار المعراج ص 226
[5] المصدر السابق، ص 226وقد ذكر نصوص الرسائل موثقة
[6] وتنطق بالشين وهم كم سكاني كبير أغلبهم رعاة (شواوي) يقيمون بين السماوة وبحيرة حمار، وهم عدَّة قبائل أكبرها: البوعلي والأجوَد وبنو مالك وبنو حكيم، وإمارتهم كانت لآل السعدون (ينسبون أنفسهم للبيت النبوي) يراجع الشيخ صبغة الله الحيدري (عنوان المجد في أحوال بصرة وبغداد ونجد) والمحامي عباس العزاوي في كتابيه: (عشائر العراق) و(العراق بين احتلالين).
[7] الخطيب، صفحات من تاريخ الجزيرة، ص 98 وقد ذكر مصادره
[8] د. صلاح العقاد، جزيرة العرب في العصر الحديث، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة ص 85.تأليف الاستاذ عبدالله القحطاني الوهابية صنيعة اليهود والنصارى .______________________________________________اللهم أحفظ لنا لسان الشيعة الشيخ احمد الوائلي (حفظه الله).نعم انها صنيعة المخابرات البريطانية
كتبت " مجلة المنوعات الأدبية " الروسية في عام 1805 تقول : " قبل حوالي نصف قرن أسس هذه الطائفة ـ المقصود الوهابية ـ شيخ عربي اسمه محمد . ويؤكد الوهابيون أنه ابن عبد الوهاب بن سليمان . وتقول رواية قديمة أن سليمان هذا ، وهو أعرابي فقير من قبيلة نجدية صغيرة ، قد رأى في المنام أن لهباً اندلع من بدنه وانتشر في البراري على مسافات بعيدة ملتهما في طريقه الخيام في البوادي والمنازل في المدن . ارتعب سليمان من هذا الحلم وطلب له تفسيراً من شيوخ قبيلته الذين اعتبروه بشير خير، واخبروه بان ابنه سيكون مؤسساً لمذهب جديد يعتنقه أعراب البادية وأن هؤلاء الأعراب سيخضعون سكان المدن . وقد تحقق هذا الحلم ليس بشخص بن سليمان عبد الوهاب ، بل بشخص حفيده الشيخ محمد " ( 1 ) .
ولد مؤسس التيار الديني الاجتماعي السياسي الذي يسمى بالوهابية في الجزيرة العربية عام 1703/1704 في عائلة دينية في العينية ( 2 ) . كان والده عبد الوهاب بن سليمان قاضيا شرعيا . وكان هو المعلم الأول لابنه . وكان أخوه سليمان بن عبد الوهاب قد ذكر للمؤرخ ابن غنام أن مؤسس الطائفة الإسلامية الجديدة المرتقب قد كشف في طفولته عن مواهب كبيرة و حفظ القرآن قبل أن يبلغ العاشرة من العمر .
واطلع الصبي على تفسير القرآن والحديث وسيرة النبي ، وفي الثانية عشر بلغ محمد سن الرشد فزوجه أبوه .
و بعد الزواج أدى فريضة الحج بموافقة أبيه . وفيما بعد قضى شهرين في المدينة المنورة ثم عاد إلى أهله . وطاف كثيرا في الأقطار المجاورة وزار الحجاز والبصرة مرارا ثم عاش في الإحساء ( 3 ) .
وتعلم في المدينة على يد شخص يدعي عبد الله بن إبراهيم بن سيف ، وهو من وجهاء واحة المجمعة في سدير . وتحدث محمد بن عبد الوهاب فيما بعد قائلا : " كنت عنده يوما فقال لي : تريد أن أريك سلاحا أعددته للمجمعة ؟ قلت : نعم . فأدخلني منزلا عنده فيه كتب كثيرة . وقال : هذا الذي اعددنا لها … " ( 4 ) .
ولمح ابن عبد الوهاب بذلك إلى أن معلمه في المدينة كان يعد سلاحا فكريا لمحاربة المعتقدات السائدة في واحته.
وعندما كان ابن عبد الوهاب في البصرة دعا إلى العودة إلى أصول التوحيد الحقيقي للإسلام . " وتجمع عليه أناس في البصرة من رؤسائها فآذوه وأخرجوه منه " ( 5 ) . وفي الطريق من البصرة إلى الزبير كاد يموت عطشا ، إلا أن أحد سكان الزبير أنقذه ( 6 ) .
و بعد ذلك عاش ابن عبد الوهاب بعض الوقت في الإحساء عند العالم الديني عبد الله بن عبد اللطيف . ثم توجه إلى واحة حريملا في نجد . وفي عام 1726/1727 انتقل إلى هذه الواحة أبوه بسبب خلافه مع حاكم العينية الجديد الذي استولى على السلطة بعد وفاة الأمير السابق حامي العلماء ( 7 ) .
و في حريملا اخذ ابن عبد الوهاب يبشر بأفكاره بنشاط جديد ، حتى انه كان يتجادل مع أبيه . وأمضى في هذه الواحة عدة سنوات ، وفي هذه الفترة ألف كتاب " التوحيد " ويقول ابن غنام عنه : " اشتهر حاله في جميع بلدان العارضفي ... العينية والدرعية ومنفوحة ... وكان الناس عند ذلك حزبين وانقسموا فيه إلى فريقين ، فريق أحبه وما دعا إليه فعاهد على ذلك وبايعه وحذا حذوه وتابعه وفريق أنكر ذلك عليه " ( 8 ) .
و في عام 1740/1741 توفى والده فصار محمد على ما يبدو، قاضيا بدل أبيه . وكانت حريملا آنذاك مقسمة بين فخذين ربما كانا مستقلين عن بعضهما البعض . وأثارت دعوة محمد بن عبد الوهاب تذمر بعض سكان الواحة .
و كتب المستشرقون الأوربيون عن رحلات ابن عبد الوهاب إلى بغداد وبعض المدن الإيرانية ودمشق . وانعكست هذه المعلومات كذلك في " دائرة المعارف الإسلامية " . وفي عام 1933 كتب المستشرق المعروف مارغيوث عن هذه الرحلات في مقالة بعنوان " الوهابية " اعتمد فيها على مصنف " لمع الشهاب " .
و يفيد " لمع الشهاب " أن ابن عبد الوهاب توجه في رحلته وهو في السابعة والثلاثين من العمر . وأمضى ست سنوات تقريبا في البصرة ، خمس سنوات في بغداد وحوالي السنة في كردستان وسنتين في همدان ( إيران ) . وفي بداية عهد نادر شاه انتقل إلى أصفهان حيث أمضى سبع سنوات، وعاش في قم ومدن إيرانية أخرى ، وقضى ستة اشهر في حلب وسنة في دمشق وبعض الوقت في القدس وسنتين في القاهرة ، ثم وصل إلى مكة وعاد إلى نجد ، وأمضى سنة ونصفا أو سنتين في القاهرة ، ثم وصل مكة وعاد إلى نجد ، وأمضى سنة ونصف تقريبا في اليمامة ، وفي سنة 1150 هجرية (1737/1738ميلادية) استقر في العينية . وتوفى في سنة 1212 (1797/1798ميلادية) كما يقول صاحب " لمع الشهاب " .
و يؤكد مؤلف هذا الكتاب أن محمد بن عبد الوهاب كان يغير اسمه طوال الوقت . ففي البصرة اسمه عبد الله، وفي بغداد احمد وفي كردستان محمد وفي همدان يوسف ( 9 ) .
و ينسب مؤرخو الوهابية و منجين عودة ابن عبد الوهاب إلى نجد في الثلاثينات . ويؤكد أخبارهم كذلك المؤرخ الحجازي في القرن التاسع عشر ابن زيني دحلان . فقد كتب أن ابن عبد الوهاب بدأ يبشر بمذهبه في نجد عام 1730/1731(12).
و في معمعان إخضاع الإحساء ، في عام 1792، توفى مؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب ( 34 ) . و يشير مؤلف " لمع الشهاب " إلى نقطة هامة أخرى وهي أن محمد بن عبد الوهاب بالذات علم سكان الدرعية ، كما يزعمون على صنع واستخدام السلاح الناري (1037) ، وهذا ما تعلمه مؤسس الوهابية من الجاسوس البريطاني همفر الذي كانت تربطه بمؤسس الوهابية علاقة وثيقة و متينة .
كان محمد بن عبد الوهاب يتحلى بهمة حياتية فائقة . ويقول منجين انه كان يهوى النساء وله عشرون زوجة انجب منهن 18 طفلا ( 11) . وقد غدا خمسة من أبنائه وكثير من أحفاده فقهاء معروفين . وترك محمد بن عبد الوهاب لورثته أرضا فيه نخيل وأشجار فاكهة وحقول تبلغ عائداتها السنوية 50 ألف درهم ذهبي ، بالإضافة إلى مكتبة تضم بضع مئات من الكتب . وبعد وفاته صار ابنه حسين ، وهو ضرير تقريبا ، مفتيا للدرعية ، وبعده شغل المنصب أخوه .
إن أسرة الفقهاء التي صارت فيما بعد تسمى آل الشيخ قد احتفظت بوزنها و نفوذها و مكانتها في الدولة السعودية حتى اليوم .

المصادر:

1. مجلة المنوعات الأدبية ، 1805، المجلد 2، رقم 1، ص20 باللغة الروسية.
2. ابن غنام . تاريخ نجد ، ج1، ص25. أيضا ابن بشر . عنوان المجد ، ج1، ص6.
3. ابن غنام. تاريخ نجد، ج1، ص25-26. أيضا ابن بشر. عنوان المجد، ج1 ،ص6-7.
4. ابن بشر. عنوان المجد، ج1، ص7.
5. نفس المرجع، ص8. أيضا ابن غنام. تاريخ نجد، ج1، ص28.
6. ابن بشر. عنوان المجد، ج1، ص8.
7. نفس المرجع.
8. ابن غنام. تاريخ نجد، ج1، ص29-30.
9. لمع الشهاب. ص7-32.
10. لمع الشهاب. ص67.
11. Mengin F. Histoire de l`Egypt. Vol. 2, p.506 . يشير لمع الشهاب ، 265-266 إلى أن محمد بن عبد الوهاب خلف أربعة أبناء وست بنات . وهذا لا يخالف ما ذكره ( منجين ) لأن من المحتمل أن بعض الأولاد قد توفوا قبل وفاة أبيهم .
_____________________________________________اللهم أحفظ لنا الحبر الفهامة المجتهد العلامة الفقيه آيــــــــة اللـهالسيد منير الخباز(دام ظله) بحق محمد وآل محمـــــــــــــــــــــــــد.قائمه باسماء بعض الكتب
السنيه فى الرد على الطغمه الوهابيه.
_________________________________________________
1- الاصول الاربعه فى ترديد الوهابيه: الخواجه السرهندى.2 - اظهار العقوق ممن منع التوسل بالنبى والولى الصدوق:الشيخ المشرفى المالكى الجزائرى.3 - الاقوال المرضيه فى الرد على الوهابيه: محمد عطااللّه.4 - الانتصار للاولياء الابرار: الشيخ طاهر سنبل الحنفى.5 - الاوراق البغداديه فى الحوادث النجديه: الشيخ ابراهيمالراوى.6 - البراهين الساطعه: الشيخ سلامه العزامى.7 - البصائر لمنكرى التوسل: الشيخ حمد اللّه الداجوى.8 - تاريخ آل سعود: ناصر السعيد.9 - تجريد سيف الجهاد لمدعى الاجتهاد: الشيخ عبداللّه بنعبد اللطيف الشافعى.10 - تحريض الاغبياء على الاستغاثه بالانبياء والاولياء: الشيخعبداللّه بن ابراهيم ميرغينى.11 - تهكم المقلدين بمن ادعى تجديد الدين: الشيخ المحققمحمد بن عبد الرحمن الحنبلى.12 - التوسل بالنبى وبالصالحين: ابو حامد بن مرزوق.13 - جلال الحق فى كشف احوال شرار الخلق: الشيخ ابراهيمحلمى.14 - الحقائق الاسلاميه فى الرد على المزاعم الوهابيه بادلهالكتاب والسنه النبويه: مالك داود.15 - خلاصه الكلام فى امراء البلد الحرام: السيد احمد بن زينىدحلان مفتى مكه.16 - الدرر السنيه فى الرد على الوهابيه: السيد احمد بن زينىدحلان.17 - رد على محمد بن عبد الوهاب: الشيخ اسماعيل التميمىالمالكى التونسى.18 - الرد على الوهابيه: الفقيه الحنبلى عبد المحسنالاشيقرى.19 -رد على الوهابيه: الشيخ ابراهيم بن عبد القادر الرياحىالتونسى المالكى.20 - رسائل فى الرد على الوهابيه: وهى رسائل كثيره يصعباحصاوها، وفى طليعتها رسائل المعاصرين لمحمد بن عبدالوهاب وبالخصوص ما كتبه فقهاء الحنابله فى الرد عليه. وقدورد الكثير من هذه الرسائل فى كتاب: (التوسل بالنبىوبالصالحين) لابى حامد مرزوق، وكتاب (الدرر السنيه فى الردعلى الوهابيه) لاحمد بن زينى دحلان، وكتاب (علماءالمسلمين والوهابيون) للاستاذ حسين حلمى ايشيق.21 - سعاده الدارين فى الرد على الفرقتين الوهابيه ومقلدهالظاهريه: الشيخ ابراهيم بن عثمان السمنودى المصرى.22 - السيف الباتر لعنق المنكر على الاكابر: ابو حامد مرزوق.23 - سيف الجبار المسلول على اعداء الابرار: شاه فضل رسولالقادرى.24 - صلح الاخوان فى الرد على من قال بالشرك والكفران:الشيخ داود بن سليمان البغدادى.25 - الصواعق الالهيه فى الرد على الوهابيه: الشيخ سليمان بنعبد الوهاب شقيق محمد بن عبد الوهاب.26 - فتنه الوهابيه: احمد بن زينى دحلان.27 - الفجر الصادق: الشيخ جميل صدقى الزهاوى.28 - فصل الخطاب فى الرد على محمد بن عبد الوهاب: الشيخسليمان بن عبد الوهاب شقيق محمد بن عبد الوهاب.تاريخ الوهابية

* التعريف : فرقة من الفرق الاسلامية السنية، ظهرت في قلب الصحراء العربية سنة (1143 هـ) اسسها محمد بن عبد الوهاب احياءً لمذهب (ابن تيمية) المبني على أساس الفقه الحنبلي، وهي من الفرق السلفية التي تدعو للعودة الى الدين الاسلامي الصحيح المستمد من القرآن والحديث، ولكنها طعنت في عقائد المسلمين وكفرت بعضهم.
* عوامل الظهور : ـ أدخل الشيخ محمد بن عبد الوهاب في عقول أتباعه مبدأ الجهاد المقدس باعتباره أهم الفروع الدينية مستغلاً طبائع المجتمع البدوي ورغبته في الغزو والغنيمة، فصارت القبائل تتهافت على الأنضمام الى الدعوة الجديدة، وكان كل نصر تناله الدعوة الوهابية في غزواتها يزيد من عدد أتباعها ومن حماسهم لها. ـ عندما ادعى الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأن دعوته هي حركة نهضة دينية وصلاحية قائمة على منهج السلف الصالح تدعو الى التوحيد الخالص ونبذ البدع وتحطيم ما علق بالاسلام من أوهام، ناصره أمير العينية عثمان بن حمد بن معمر في دعوته وروّج لها. ـ استغل الوهابيون العداء الموجود لدى العشائر ضد الحكومة العثمانية ووالي بغداد، فأخذوا يحاولون نشر دعوتهم الجديدة في اوساط العشائر بشعارات الاصلاح والعودة الى اصول السلف. ـ كان للحكام الدور الاكبر في نشوء هذه الفرقة وذلك لأن مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان يدعو الى طاعة الحاكم واتباعه وعدم الخروج عليه مما وفّر الارضية المناسبة لبروزه واستقطاب الناس حوله.
* النشأة والتطور : ـ في عام « 1153 هـ » استطاع محمد بن عبد الوهاب استثمار وفاة أبيه الذي كان يعارض افكاره بشدة فراح يعلن عن عقائده ويستنكر على الناس ما يمارسونه من الشعائر الدينية ويدعوهم للانخراط في حزبه وتحت لوائه فاشتهر أمره في المدينة فلاقى دعماً ومناصرة من حكام العينية والدرعية. عندما اصبح النظام الديني للوهابية قائماً على ان يتولى الملك السعودي امامة الوهابيين ساعد هذا التوجه على احترامها من قبل الحكام السعوديين المتعاقبين على السلطة ووفر لها فرص الديمومة والاستمرار.
* الافكار والمعتقدات : ـ قالوا : بوجـوب هدم المشاهد المقدسة التي بنيت على القبور ولم يجوزوا بقاءَها ـ بعد القدرة على هدمها وابطالها ـ يوماً واحــداً. ـ قالوا إن اركان الاسلام خمسة : شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله، واقامة الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام. ـ قالوا : لم يروَ عن النبي (ص) في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديث ثابت والاحاديث الكثيرة المروية لزيارة قبره كلها ضعيفة بل موضوعة لم يرو الائمة ولا أصحاب السنن المتبّعة فيها شيئاً. ـ قالوا : من الايمان بالله الايمان باسمائه الحسنى وصفاته العلى، الواردة في الكتاب العزيز والثابتة عن رسوله الأمين من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكيف ولا تمثيل بل يجب ان تمر كما جاءت بلا كيف.ـ اعتبروا الامور التالية من الشرك : أ ـ لبس الخيط والحلقة. ب ـ النذر لغير الله. ج ـ الاستعاذة بغير الله. د ـ الاستغاثة بغير الله. هـ ـ الطيرة. ـ ومن جملة ما أفتوا بالغائه : أ ـ التشفع بالاولياء واقامة النصب والقباب واعتبروا المدخن كالمشرك، وحرموا التصوير وسائر اصناف الابهة والترف. ب ـ فتحوا باب الاجتهاد على مصراعيه واقرّوا به. ج ـ قالوا : ان فكرة تقديم آل الرسول هي من أثر الجاهلية في تقديم أهل بيت الرؤساء. د ـ كذبوا حديث المؤاخاة وان النبي (ص) قد آخى علياً عليه السلام وقالوا ان حديث المؤاخاة باطل. هـ ـ قالوا : ان التمسح بالقبر ـ أي قبر كان ـ وتقبيله وتمريغ الخد عليه هو من الشرك ولو كان قبر النبي (ص). و ـ قالوا : ان علياً (ع) انما قاتل الناس على طاعته لا على طاعة الله، فمن قتل النفوس على طاعته كان مريداً للعلو في الارض والفساد، وهذا حال فرعون والله تعالى يقول : { تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الارض ولا فساداً والعاقبة للمتقين }. ـ حرموا التوسل بالاموات ولو كانوا انبياء وقالوا : من فعل هذا فهو مشرك بالله.
* أبرز الشخصيات : 1 ـ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي 1111 هـ ـ 1207 هـ) 2 ـ عبد العزيز بن باز. 3 ـ عبد العزيز آل سعود. (1179 هـ ـ 1218 هـ) . 4 ـ محمد بن سعود. (1137 هـ ـ 1179 هـ) . 5 ـ سعود بن عبد العزيز.
* مواقع الانتشار : الموطن الأول للوهابية هو الحجاز ثم انـتشرت الى بعض المناطق الخليجية.
* أحداث ووقائع : ـ سنة 1208 هـ غزا الوهابيون مدينة البصرة وانتهبوا مدينة الزبير. ـ سنة 1216 هـ أغار الوهابيون على مدينة كربلاء المقدسة وأباحوها وقتلوا أهلها، وأنتهبوا ما فيها بما في ذلك الضريح المقدس لسبط الرسول (ص) الحسين الشهيد (ع). ـ سنة 1220 هـ غزوا نجران وما والاها. ـ سنة 1221 هـ غزوا المدينة واستولوا عليها وأنتهبوا التحف، والاموال الموجودة في الحجرة النبوية الشريفة. ـ سنة 1225 هـ غزوا الشام وقتلوا أهل موران قتلا ذريعاً. ـ سنة 1305 هـ قاتلوا الشريف غالب « شريف مكة » واستولوا على مناطق كثيرة من بلاد الحرمين. ـ سنة 1317 هـ وقعت مجزرة الطائف. ـ سنة 1332 هـ ـ 1336 هـ ناصروا الانجليز ضد الخلافة العثمانية التركية، واستولوا على الحجاز وطردوا الحسن بن علي ملك الحجاز من المدينة. ـ سنة 1343 هـ هدموا الاماكن المقدسة في البقيع، وانتهبوا حرم الرسول (ص) للمرة الثانية، وكادوا يهدمون القبر النبوي المقدس، لكنهم اكتفوا بهدم قباب نساء النبي واولاد الرسول والصحابة. ـ سنة 1231 هـ جهز محمد علي باشا جيشاً بقيادة ولده ابراهيم ووجهه الى الحجاز، ثم صار منها الى نجد فتوغل فيها شيئاً فشيئاً، الى ان وصل سنة 1233 هـ الى الدرعية عاصمة الوهابية، وبعد حصار دام خمسة أشهر استسلم أميرها عبدالله بن سعود فأرسله ابراهيم الى الاستانة حيث قتل ومن معه في ميدان آيا صوفيا.
* من ذاكرة التاريخ : ـ لما التحق محمد بن عبد الوهاب بأمير الدرعية وبزغ نجمه أحس عثمان بن معمر أمير العينية بتمخض خطرهم فلم يجد مناصاً من اظهار التودد والمداراة معهم الى ان انتهى به الامر الى تزويج أبنته من ابن عبد العزيز بن محمد بن سعود، الذي بلغ الوهابيون في عهده أوج قوتهم. وكان لموقف محمد بن عبد الوهاب الذي لم ينسَ ان أمير العينية قد نفاه منها، فأتهمه بأنه اجرى مراسلات سرية مع حاكم الاحساء محمد بن عفالق واعدّ العدة للخيانة، ولأجل ذلك أرسلوا بعض أعوانهم ومنهم حمد بن راشد وابراهيم بن زيد الى عثمان بن معمر حاكم العينية فأغتالوه اثناء ادائه لصلاة الجمعة.
* خلاصة البحث : الوهابية : من الفرق الاسلامية السنية ظهرت في قلب الصحراء العربية سنة (1143 هـ) أسسها محمد بن عبد الوهاب احياءً لمذهب (ابن تيمية) وهي فرقة طعنت في عقائد المسلمين وكفرت بعضهم دعوة منهم للعودة الى الدين الاسلامي الصحيح المستمد من القرآن والحديث. ـ استطاع الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية ان يقحم في عقول أتباعه مبدأ الجهاد المقدس باعتباره من أهم الفروع الدينية، وبهذا وضع أصبعه على النقطة الحساسة في المجتمع البدوي وهي الغزو والغنيمة، فصارت القبائل تتهافت على الانضمام الى هذه الدعوة الجديدة، واصبح كل نصر تناله الوهابية يمثل رصيداً في زيادة الاتباع والمتحمسين لها. ـ عندما أصبح نظامها الديني قائماً على ان يتولى الملك السعودي امامة الوهابيين ساعد هذا التوجه على احترامها من قبل الحكام السعوديين المتعاقبين على السلطة ووفر لها فرص الديمومة والاستمرار. من افكارهم ومعتقداتهم : قولهم بوجوب هدم المشاهد التي بنيت على القبور ولم يجوزوا ابقاءَها ـ بعد القدرة على هدمها وابطالها ـ يوماً واحداً ولديهم افكار ومعتقدات اخرى لم يشاطرهم فيها احد من المسلمين.
* المصادر : 1 ـ عارف تامر، معجم الفرق الاسلامية (بيروت ـ لبنان، دار المسيرة، 1990 م)، التقوي، السيد ابو العلى، الفرقة الوهابية في خدمة من ؟، (بيروت ـ لندن، الارشاد). 2 ـ الزركلي، خير الدين، الاعلام، (بيروت ـ لبنان، دار العلم للملايين، ط 7، 1986 م). 3 ـ السبحاني، جعفر، الوهابية في الميزان (قم ـ ايران، مؤسسة النشر الاسلامي، 1407 هـ.ق). 4 ـ عارف تامر، معجم الفرق الاسلامية (بيروت ـ لبنان، دار المسيرة، 1990 م). 5 ـ ابن القيم الجوزية، محمد بن ابي بكر، زاد المعاد في هدي خير العباد (بيروت ـ لبنان، دار احياء التراث العربي). 6 ـ محمد بن عبد الوهاب، الاصول الثلاثة وادلتها (الرياض ـ المملكة السعودية، دار الوطن، 1993 م). 7 ـ ابن تيمية، كتاب الزيارة والاستنجاد بالقبور (الرياض ـ المملكة السعودية، دار المسلم للنشر والتوزيع، ط2، 1414 هـ. ق). 8 ـ عبد العزيز بن باز، العقيدة الصحيحة (القاهرة ـ مصر، دار ابن الجوزي 1413 هـ. ق ـ 1993 م). 9 ـ مغنية، محمد جواد، هذه هي الوهابية (بيروت ـ لبنان، دار الحقيقة، ط2، 1993 م) . 10 ـ ابن تيمية، منهاج السنة النبوية (الرياض، العربية السعودية، جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، ط1، 1406 هـ. ق ـ 1986 م). 11 ـ السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل (قم ـ ايران، مؤسسة النشر الاسلامي، ط 2، 1415 هـ. ق). 12 ـ كاشف الغطاء، جعفر، منهج الرشاد لمن اراد السداد (قم ـ ايران، ط1، 1414 هـ. ق).بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
مقدمة الطبعة الثانية
لماذا تقطيع الأوصال ؟
الحمد لله الفتاح العليم ، ذو القوة والسلطان ، الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، البشير النذير ، والسراج المنير ، محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. أما بعد
فبعد إقبال الناس الشديد على اقتناء هذا الكتاب ونسخه قبل ظهور طبعته الأولى ، قد يتساءل بعض الطيبين عن الدافع والهدف خلف الكتابة هذا الموضوع ، ولهم كل الحق في ذلك ؛ لأن صيحات التقريب بين المذاهب الإسلامية لها صداها – والحمد لله – في أرجاء الأمة أكان من جانب الشيعة ، أم كان من أهل السنة ، وقد خطا المسلمون خطوات محمودة في هذا المجال ، فأعدوا مراكز متخصصة لهذا الغرض ، وخرجت الكتب الجادة في هذا السبيل ككتاب الدكتور مصطفى الشكعة واسع الانتشار (إسلام بلا مذاهب)[1] ونداءات المصلحين كالعلامة حسن الترابي الذي ينادي بأنني مسلم لست سنياً ولا شيعياً ، وهذا العلامة أحمد الخليلي لا ينادي إلى التقريب فحسب بل ينادي بوحدة شاملة تجمع المسلمين ، ويرى أن ذلك ممكن ؛ خصوصاً إذا علمنا أن الخلافات بين المسلمين ما هي إلا خلافات في الفروع لا في الأصول.
نعم يحق لكل طيب القلب أن يستغرب الكتابة في ما من شأنه أن يقطِّع الأوصال ، وقد تعايش المسلمون قروناً عديدة حياة ملؤها الأمن والتعاطف والسلام ، فهؤلاء الشيعة يحكمون مصر ويشيدون الأزهر الشريف ، ولم يكرهوا أهل مصر على التحول عن مذاهبهم فيكونوا شيعة ، ولقد انتقل الأزهر من أياديهم إلى أيادي السنة انتقالا سلمياً من غير إراقة دماء ولا إزهاق أرواح ، والإباضية أقاموا في بلاد المغرب دولة واسعة الأرجاء عُرفت بالدولة الرستمية ملأت الأرض عدلاً وقسطا ؛ عاش في ظلها السني والشيعي والإباضي من غير تفريق ولا تمزيق ، الكل إخوة متوادون يجاهدون تحت راية واحدة[2].
ولقد ضرب الإمام نور الدين السالمي المثل الأعلى في التسامح ومعرفة أقدار الأئمة فقد كان يخرج إلى (جعلان) من أرض عمان ليعلِّم أهلها أمور دينهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل لأنهم حنابلة مع أنه إباضي المذهب ، ولم يقل أن الأمر أمري وليس لهم إلا السيف أو مذهبي ؛ مع أنه السيد المطاع الذي أذل الإمبراطورية البريطانية في الجزيرة العربية[3]. وهاهم الزيدية والشافعية يعيشون على أرض اليمن السعيد من غير تفرقة ولا اقتتال يتقاسمون اللقمة والكرسي ، فأين الخلل وما الداعي لتأليف هذا الكتاب؟
إن الخلل لا يكمن إلا في فِرقة واحدة رأت أن لا حياة لها إلا بفُرقة المسلمين ؛ فأخذت تكفِّر هذا وتطعن في ذاك ، حتى حكمت على غالب الأمة بالشرك الأكبر والضلال المبين ، ولم يبق مسلم واحد على ظهر الأرض يخالفهم إلا وأخرجوه من حظيرة الإسلام . إن هذه الفرقة هي الفرقة الوهابية التي لا تؤمن إلا بالسيف البتار والدرهم والدينار:
فحكمت على المذاهب الأربعة بأنهم ليسوا بأهل سُنَّة مطلقاً ، وأنه لا يجوز تسميتهم بذلك ما داموا على عقيدة الأشاعرة الزائغة على حد زعمهم[4] ، وسموهم بالصوفية والمعطِّلة. ورأوا أن التسمية بأهل السنّة غير لائقة بل الواجب أن يتحول الناس إلى فريقهم ويتسمَّوا بالسلفية[5].
وحكمت على الشيعة من زيدية وجعفرية بالكفر والضلال وسمَّوهم الرافضة.
وحكمت على الإباضية بالضلال ولم يجيزوا الصلاة خلفهم[6].
وحكمت بضلال الإخوان المسلمين[7].
وحكمت على جماعة الدعوة والتبليغ بالضلال ، ومنعتها من الحركة في أرض الحرمين.[8]
ما استحوذت على منابر المسلمين في بلاد الغرب وفرقت شمل الموحدين ، فتراهم في كل بلد هم أبرز أسباب الشقاء والفرقة.[9]
ولقد تناول الوهابية أعراض علماء الأمة ممن رفعوا لواءها وهم عند ربهم[10] ، فقدحوا فيهم كما فعلوا مع الإمام الترمذي[11] والإمام الغزالي صاحب إحياء علوم الدين[12] ونور الدين السالمي وسيد قطب والإمام الخميني عليهم رحمات الله أجمعين.
وترى في كل يوم مكتباتهم تنضح بالسم الناقع تكفيراً للمسلمين ونهشاً في جسد الأمة.
ولقد كذبوا على أئمة الإسلام وحرفوا كتبهم وأقوالهم ليصلوا إلى أهدافهم الخبيثة[13].
وقبل ذلك كله ضجّت أرجاء الجزيرة وما حولها من رعونتهم ووحشيتهم في تقتيل المسلمين للاستيلاء على أرضهم وأموالهم وانتهاك أعراضهم.[14]
وليتهم كانوا على شيء فنتبعهم ، ولكن عقيدتهم الإسفاف وفكرهم الضحالة حتى أفتوا باستحلال دم ومال من يقول بدوران الأرض.

لهذا كله ولأسباب أكثر تجدها مفصلة وموثقة في ثنايا هذا الكتاب رأيت أن من حق المسلمين عليَّ أن أدافع عنهم بالمساهمة في استئصال هذا الورم الخبيث من جسد هذه الأمة وأعلم أنه لن يأتيني إلا الريح الخبيث من قِبلهم ، ولكنني أحتسب أجري على الله ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
المؤلف

[1] آخر طبعة لهذا الكتاب القيّم رأيتها هي الثالثة عشر ، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على إقبال المسلمين على ما يوحد صفهم ويجمع كلمتهم.
[2] يراجع ابن الصغير الشيعي ، أخبار الأئمة الرستميين ، و د. مصطفى الشكعة ، إسلام بلا مذاهب ، ص 163 – 170 ط13 ، وما يكتبه المؤرخون والأدباء المغاربة في ذلك.
[3] هذا العلم المجاهد كان من أعلام القرن الرابع عشر الهجري ، استشهد في الأربعين من عمره ، ومع هذا العمر القصير فقد كتب الله البركة فيه ؛ فقد خلف إرثاً علمياً وثقافياً واسعاً ، ومطوَّلات في الحديث والتاريخ والفقه والأدب ، وقاد حملة تنويرية في البلاد الإسلامية داعياً إلى الوحدة ونبذ الخلاف بين المسلمين ، والجهاد ضد الاستعمار ، مع أنه كان من ذوي الأعذار فقد كان رجلاً ضريرا ، وحقيق لشخصية مثله أن تُدرس في رسائل علمية متخصصة.
[4] اقرأ بالكتاب موضوع (أهل السنة عند الوهابية)
[5] اقرأ موضوع (شهادة من الداخل)
[6] وذلك في فتوى مكتوبة للشيخ ابن باز !
[7] اقرأ بالكتاب موضوع (الوهابية والإخوان المسلمون)
[8] اقرأ لمؤلفهم حمود بن عبد الله (القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ) لترى سوء التشنيع على المسلمين ، وهذه الجماعة مع مسالمتها ممنوعة في السعودية.
[9] اقرأ موضوع (من الآثار الوخيمة للبدعة السلفية)
[10] اقرأ موضوع (الإسفاف الفكري عند الوهابية)
[11] اقرأ موضوع (الحشوية وتضليلهم للإمام الترمذي)
[12] راجع كتابهم مؤلفات سعيد حوى دراسة وتقويم لمؤلفه سليم الهلالي وهو في غالبه شتم لمذاهب المسلمين وللعلامة سعيد حوى مفسر القرآن العظيم رحمه الله ، وقد نال في كتابه هذا من الإمام حسن البنا رحمه الله ص 75 وما بعدها.
[13] اقرأ موضوع (كذب الحشوية على الأئمة الأربعة)
[14] اقرأ في الكتاب موضوع (الوهابية السفاحون)بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
تـمـهـيـد
من هم الخوارج ؟!
وردت أحاديث كثيرة تُنذر خروج فرقة تمرق من الدين ، تستحل دماء الموحدين ، وتترك أهل الأوثان ، وقد حاول البعض صرفها في صحابة الرسول الكريم من أهل النهروان[1] ، تعصباً للإمام علي ، ولقد حاولت تطبيق الأحاديث عليهم فرأيتها لا تنطبق مطلقاً ، لأسباب كثيرة أهمها أن من بين من خرج على الإمام علي في أهل النهروان صحابة مرضيين[2] ، و ممن خرج عليه من قبل أهل الجمل بقيادة أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير ، وأهل صفين بقيادة معاوية وعمرو بن العاص ، فكيف تنطبق الأحاديث على فريق من أصحاب رسول الله r ولا تنطبق على باقي الفرق ؟!
ولكنني في الوقت ذاته ، رأيت أن الذين يروج وبشدة لهذا الطرح الباطل – رغم عدم تناسب نبش عظام أصحاب رسول الله r ودعوة التوحيد – هي فرقة حديثة تسمى الوهابية ، فحاولت تطبيق الأحاديث عليهم فهالني ما رأيت ، وسأسرد هذه الأحاديث النبوية الشريفة قبل أي نقاش:
· يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواية البخاري

· عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ r ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ قَالَ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ أَوْ مِنْ أَشَرِّ الْخَلْقِ يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ قَالَ فَضَرَبَ النَّبِيُّ rلَهُمْ مَثَلًا أَوْ قَالَ قَوْلًا الرَّجُلُ يَرْمِي الرَّمِيَّةَ أَوْ قَالَ الْغَرَضَ فَيَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلا يَرَى بَصِيرَةً . رواه مسلم وروى نحواً منه أحمد[3]

· بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ r بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ ابْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأقتنهم قَتْلَ عَادٍ . وفي رواية أخرى قتل ثمود. رواية البخاري

· عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْمَشْرِقَ يَقُولُ أَلَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ. رواه مالك والبخاري ومسلم وأحمد وغيرهم. وفي رواية عند أحمد (يخرجون من المشرق).

· يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يُسِيئُونَ الْأَعْمَالَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ قَالَ يَزِيدُ لَا أَعْلَمُ إِلَّا قَالَ يَحْقِرُ أَحَدَكُمْ عَمَلَهُ مِنْ عَمَلِهِمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ فَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ r عِشْرِينَ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَأَنَا أَسْمَعُ . رواية أحمد

نظرة تحليلية للأحاديث:
أحاديث الخوارج بعضها صحيح ، وبعضها لا يصح ، فكل حديث نصَّ على أن ذا الثدية قد قتل في النهروان لا يصح سنداً ولا متنا ، وبعض هذه الأحاديث قد سُخِّر تسخيراً واضحاً للنيل من أهل النهروان ؛ فحيث يكون إسناد الحديث قوياً ولا يعني أهل النهروان ، هنالك تضاف إليه تعليقات الرواة فيأخذها الغافل بالتسليم ، ، كشهادة أبي سعيد - الذي ذكر بالكنية هكذا ! ويحتمل أنه أبو سعيد الخدري - الناصة على رؤيته لذي الثدية بين جثث الصحابة في النهروان . وهي شهادة مردودة شرعاً لسببين :
أ‌. لأنه واحد لم يعضد شهادته أحد غيره ، وهو يشهد على جماعة من الصحابة .
ب‌. هو لهم خصم لأنه ممن قاتلهم وشهادة الخصم على خصمه مردودة.
أما من ناحية المتـن فإن قصة ذي الثدية لا تقوم على ساق لكثرة الاضطراب فيها[4] ، حيث أنها نسبت لأكثر من شخص[5]، كما أن الرواة ينصون على أن الإمام علي أمر بقطع يده المخدجة فلما أتي بها أخذها ثم رفعها وتحدَّث للناس[6] ، وما كان له أن يفعل ذلك فهو يعلم تماماً حرمة التمثيل بالقتلى حتى بالبهائم والمشركين[7] ، فكيف بمن يشهد أن لا إله إلا الله!
وقد قدِّمت رسالة علمية بالمملكة الأردنية لمناقشة أحاديث الخوارج وتخريجها وقد أثبتت هذه الدراسة التي لم يشرف عليها الإباضية عدم دلالة الصحيح منها على الصحابة من أهل النهروان.
، ولكن المؤسف أنها تستخدم عند البعض كالمسلمات للانتقاص من الصحابة من أهل النهروان، بينما تصرف عمَّن يستحقها ، فهي تذكر أنَّ هؤلاء القوم صفاتهم كالتالي:

1. يأتون في آخر الزمان ، ولا يمكن بحال اليوم القول بأن أهل النهروان خروجوا في آخر الزمان. وهاهم الوهابية يخرجون في هذا الزمان المتأخر . بينما ظهرت في هذا الزمان الأخير فرقة ترمي المسلمين بالشرك ؛ وتستحل بذلك دماءهم وأموالهم ، وتعتدي على تراثهم بالتشويه وعلى علمائهم بالتبديع والزيغ ، وتدعي أنها على الحق المطلق ، ألا وهي الفرقة الوهابية ، والتي تُظهر اهتماماً غير طبيعي لصرف أحاديث الخوارج في أهل النهروان!

2. يخرجون على حين فُرقةٍ من الناس ، والحق أن الصحابة في وقعة الجمل والنهروان قد خرجوا في زمن الفرقة بين علي ومعاوية ، ولكن هل من فرقة بين المسلمين خصوصاً والناس عموماً - كما نصَّ الحديث - أعظم من تلك الفرقة التي خرج فيها الوهابية ، فوقعت بين البشر الحروب العالمية وتفرق المسلمون حتى ضاعت أرضهم – كل أرضهم - فتقاسمتها اليهود والنصارى ؟!، والمثير للاستغراب أننا نرى الوهابية يقفون أمام كلِّ دعوة توحيدية بين المسلمين بالمرصاد ليجهضوها ، حتى تبقى الأمة على فُرقتها ، وما تهجمهم على الإمام حسن البنا – على سبيل المثال – إلا بسبب دعوته للتقريب بين المذاهب الإسلامية وذلك باعترافهم أنفسهم.

3. يخرجون من جهة المشرق ، وما المشرق إلا نجدا لصريح الحديث فيها : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ (رسول الله r) اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ[8]) وقد أشار النبي الكريم بيده نحو جهة المشرق مؤكداً على نجد ، وقد خرج الوهابية منها ؛ بل ودَعوا الناس للهجرة إليهم ، وإن نفوا ذلك اليوم[9].

4. يقرؤون القرآن ولا يجاوز حناجرهم ، أما أهل النهروان فثبت أن سبب خروجهم لم يكن إلا المحافظة على تطبيق النص القرآني بعد ثبوته بعدم تحكيم الرجال في الحدود الثابتة ؛ فكما لا يجوز الاجتهاد في ماهية حد السرقة فلا يجوز كذلك الاجتهاد في ماهية حد البغي فهو ثابت بالنص القرآني ، فكما ترى أن القرآن كان يجاوز حناجر أهل النهروان إلى التطبيق العملي ، ولكن مَن أشهر إعلامياً اليوم من الوهابية الذين يتباكون في حرم الله الآمن وهم أكلة لحوم المسلمين وأموالهم ، كما سيأتي ذلك في تأريخهم وفتاويهم ؟.

5. يسيئون الأعمال ، أما أهل النهروان فقد قتل أغلبهم على مصاحفهم ، وحفظ لنا التاريخ عن الباقين أمثلة رائعة إحسان العمل وأعلاها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خصوصاً مع أهل الجور ، فقد سئل عليه الصلاة والسلام : (أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ )[10] بل وقتل بعضهم على ذلك[11] ، بينما نرى الوهابية اليوم يكفِّرون المسلمين ويسارعون إلى إخراجهم من الملة ، وليست فتوى ابن باز بجواز قتل المسلم واستحلال ماله إذا آمن أن الأرض تدور بآخر ما في جعبتهم. ويكفيك أسلوبهم غير المهذب في الدعوة ، وامتلاء مكتباتهم بالكتب الفارغة التي تطفح عناوينها بالانتقاص من علماء المسلمين الأعلام في كلِّ أرض

6. يقتلون المسلمين ويتركون عبدة الأوثان ، أما أهل النهروان فقد ثبت قتالهم لأهل الأوثان ويكفيك منهم قائد قوات عمر بن الخطاب الصحابي حرقوص بن زهير السعدي فاتح الأهواز ، ولقد اعتزلوا فتنة القتال بين المسلمين ما لم تكن للبغي على خليفة مبايع ، أما الوهابية فتأريخهم مليء بسفك دماء المسلمين واستحلال أموالهم ونسائهم بشكل تشيب لهوله الولدان باعترافهم أنفسهم ، وهم لم يسجل لهم التاريخ مواجهة واحدة مع أعداء الإسلام.

7. سيماهم التحالق أو التحليق كما في رواية أحمد ، وقد ثبت بألسن العلماء المعاصرين لنشأة الوهابية كمفتي مكة المكرمة الشيخ أحمد زيني دحلان أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب كان يأمر من يدخل في طاعته بحلق شعره لينشأ بشعر جديد لم يشرك فيه ، واتفق مرة أن امرأة أقامت عليه الحجة فقالت له : (حيث أنك تأمر المرأة بحلق رأسها ينبغي لك أن تأمر الرجل بحلق لحيته لأن شعر المرأة زينتها وشعر لحية الرجل زينته فلم يجد لها جوابا )[12]! وكان مفتي زبيد السيد عبد الرحمن الأهدل يقول (لا حاجة إلى التأليف في الرد على الوهابية بل يكفي في الرد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم (سيماهم التحليق) فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم).[13]

ولتتبين أخي المسلم أن الوهابية هم أنسب من تنطبق عليهم الأوصاف التي جاءت في أحاديث النبي r فإنني ألفت هذا الكتاب أعالج فيه كل صفة من صفات الخوارج في باب مستقل ، وأدلل عليها بصفحات موثقة كثيرة من تاريخ الوهابية وجغرافيتهم وأعمالهم .


[1] رددنا على هذه الفرية في كتاب مستقل سيظهر قريباً إن شاء الله ففي النهروان صحابة كرام كعبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير السعدي قائد جيوش عمر بن الخطاب لفتح الأهواز كما قال عنه صاحب أسد الغابة والطبري وغيرهم ، وهل يجوز الانتقاص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
[2] ففي النهروان صحابة كرام بتوثيق علماء أهل السنَّة كعبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير السعدي قائد جيوش عمر بن الخطاب لفتح الأهواز كما قال عنه صاحب أسد الغابة والطبري وغيرهم ، وهل يجوز الانتقاص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
[3] الحديث لا يخلو إسناده من ضعف ؛ ففيه أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة العبدي وهو ممن يخطيء كما قال عنه ابن حبان وإن كان يوثقه ، وفي طرقه الأخرى أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر الأسدي وهو كثير الخطأ في حديث سفيان كما قال عنه أحمد بن حنبل وقد رواه هذا الحديث عن سفيان ، وفيها حبيب بن أبي ثابت الأسدي وهو مدلس كما قال عنه ابن حبان.
[4] ينص عبد الرحمن بدوي ، دراسات إسلامية ، ص 63 ، في ترجمته لكتاب الخوارج والشيعة على أنها أسطورة. ويراجع ما قاله ابن تيمية أيضاً في (منهاج السنة 4/189-194)
[5] ، فقد أورد الحافظ ابن حجر بعض الخبط الذي وقع فيه الرواة في شخصية ذي الخويصرة والخلط بينه وبين ذي الثدية ومختلف الأسماء التي سمي بها وكيف حشر اسم الصحابي الجليل حرقوص بن زهير السعدي في هذه الفوضى وذلك في : (مقدمة فتح الباري ) وفي (فتح الباري) وفي (الإصابة) حيث نصَّ أن منهم من يسميه عبد الله بن ذي الخويصرة (مقدمة فتح الباري ص 294 و ص 308) (الإصابة 2/411 برقم 2452) ، وفي (ص 299) ذكر أن اسمه نافع وقال (أخرجه ابن أبي شيبة في كتابه وقيل حرقوص وقيل ثرملة) وذكر أن اسمه نافع أيضاً في (فتح الباري 8/96 برقم 4094) حيث قال هناك (اسمه نافع ورجحه السهيلي وقيل اسمه حرقوص بن زهير السعدي) وذكر ذلك أيضاً الطبري في تاريخه (3/125) وذكر له قصة هناك ، بل ويخلطون هذه الشخصيات حتى بعيينة بن حصن والأقرع بن حابس (مقدمة الفتح ص 324) وذكر هنا أنه يماني ، وذكر في (فتح الباري 8/56 برقم 4081) (10/513 برقم 5749) أنه من الأنصار ، وكثيرا ما يضعَّف ابن حجر الروايات التي تقول أنه حرقوص بن زهير بقوله (قالوا) ، (زعموا) ، (قيل) بل إنه يقول في بعض المواضع (وما أدري من الذي قال : "وهو حرقوص") (الفتح 12/302 برقم 6534) ، وقال في الإصابة (2/49 برقم 1663) (حرقوص بن زهير السعدي له ذكر في فتوح العراق وزعم أبو عمر أنه ذو الخويصرة التميمي..) وصدق من قال (زعموا مطية الكذب) ! فأنت ترى اللبس الكبير فلا تدري عمَّن يتحدثون أعن ذي الخويصرة أم عن ذي الثدية ! وليت ابن حجر تعقب هذه الروايات بالدراسة ففندها كي لا تكون مطية لمن أراد الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخلط بينهم وبين خوارج نجد.
[6] الطبري 3/125
[7] روى البخاري وغيره (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ )
[8]رواه البخاري و الترمذي و أحمد وغيرهم
[9] ذلك ثابت على لسان الشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخو مؤسس الحركة الوهابية وسيأتي نصه في ثنايا الكتاب.
[10] رواه أحمد برجال ثقات.
[11] كما فعل بأبي بلال وأخيه عروة ابني أدية رحمهما الله.
[12] أحمد بن زيني دحلان ، فتنة الوهابية ، ص 19
[13] المصدر السابقلفصل الأولالتعريف بالوهابية
تعريف الوهابية
خرافة الالتزام بفهم السلف
ابن تيمية الحراني
ابن القيم الشفيق بإبليس
محمد بن عبد الوهاب
الألباني محدث السلفية
الشيخ عبد الله فيلبي
تعريف الوهابية
فِرقة خرجت على حين ضعفٍ وفُرقةٍ بين المسلمين ، خرجت في آخر الزمان ، تركت قتال أهل الأوثان ، وقاتلت أهل الإسلام ، واعتبرتهم مشركين ، ما لم يكونوا وهابية ويهاجروا إلى دار هجرتهم نجد ، وذلك في بداية دعوتهم كما أثبت ذلك الشيخ سليمان بن عبد الوهاب النجدي في معرض رده على أخيه محمد في كتابه (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية) ، نجد تلك التي قال عنها الرسول الكريم (هناك الزلازلُ والفِتَنُ ومنها يخرج قرنُ الشيطان) وأبى أن يدعو لها بخير كما دعا لغيرها[1]
ولم ينقم الوهابية على المسلمين أموراً جوهرية ، بل جادلوا في مسائل ثانوية ، وكفَّروا المسلمين على أساسها ، ويدَّعون إتباع السلف لتقليدهم ابن تيمية وأذياله ؛ ولتعلقهم بظاهر القرآن والسنَّة مع المحاربة لإعمال العقل في فهم النص أو التأويل ، إلا أنَّ أفكارهم سرعان ما انكشف تهافتها ووهنها لكثير من العقلاء ، وعلماؤهم لا يستطيعون الوقوف أمام حجج المسلمين وبراهينهم ، فهم إن تحدَّثوا فكثيراً ما تسمع عيَّهم كمتحدثين ، وضعفهم في لغة القرآن الكريم ، ويهربون من كلِّ مناظرة علمية تهدف إلى تبيين الحق لأنهم يعلمون أن لا قِبَل لهم بذلك.
الشهادة بجهل الوهابية:
إن الجهل والسطحية لدى علماء الوهابية ، قد شهد بها الكثير ممن احتكوا بهذه الفرقة ، فقد روى الشيخ إبراهيم المنصوري أن ابن عبد الوهاب (كان يمنع أتباعه من مطالعة كتب الفقه والتفسير والحديث[2] ، وقد أحرق كثيراً منها وأذن لكل من اتبعه أن يفسر القرآن الشريف بحسب فهمه ... فكل واحد منهم يفعل ذلك حتى ولو كان لا يحفظ من القرآن شيئاً)[3] وهذا ليس بغريب على زعيم الوهابية ، فمن يقرأ تاريخه الحقيقي غير المزوَّر يدري بأنه جاء بعد تدريب مكثَّف بالعراق على أيدي المستشرقين الإنجليز لهدم الإسلام ، بل كانت الخطة – كما ذكر ذلك المستر هامفر أستاذ محمد بن عبد الوهاب في مذكراته - هدم الكعبة وإضافة المنسوخ من القرآن ، ولكنه اعتذر لأسياده عن فعل ذلك بحجة أن الدولة العثمانية سترسل إليه جيشاً جراراً يقضي على حركته إن فعل ذلك .
وذكر الشيخ محمد سليم الكيلاني [4]أن أحد المفتين الوهابيين ويدعى عبد الله بن خلف حضر إلى دمشق ، وطلب منه أن يعطيه كتابا في علم النحو ، وشيئا من فن الصرف ، فأمره أن يحضر مع صغار الطلبة الذين يدرسون كتاب (قطر الندى) وكتاب(النبأ في الصرف) ، وكذلك فعل القاضي الشيخ عبد الله مرعي ، ويعلق الشيخ الكيلاني على مستواهم هذا بقوله (فإذا كان هذا مبلغ علم قاضيهم ومفتيهم فما بالك في بقية علمائهم) ، ويضيف ( إني اجتمعت بكثير من علمائهم فوجدتهم من الجهل بمكان ، ومن العلم بمعزل).
ولا تعجب أخي القارئ ، فقدوتهم محمد بن عبد الوهاب كان جاهلا مغرورا ، وقد ذكر جهله أخوه سليمان بن عبد الوهاب في كتابه (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية) ونسب إليه القصور العلمي وذلك في قوله : (ابتلي الناس بمن ينتسب إلى الكتاب والسنة ويستنبط من علومهما ولا يبالي من خالفه . وإذا طلبت منه أن تعرض كلامه على أهل العلم لم يفعل بل يوجب على الناس الأخذ بقوله وبمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر. هذا وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال الاجتهاد ، ولا والله ولا عُشر واحدة ، ومع ذلك راج كلامه على كثير من الجهال)[5].
ونحن ندعو من يشك في أمر جهل الوهابيين - إن كان يقول أن هؤلاء الذين يكتبون في الإنترنت هم جهال الوهابية - ندعوه ليس فقط إلى تأمل أفكارهم ، وما تنم عنه من معارف جزئية وسطحية ، كقولهم بعدم دوران الأرض ، بل إلى مطالعة أساليبهم الكتابية الركيكة الواضحة في كتبهم ورسائلهم وفتاويهم ، وأن يسمع كبار علمائهم عندما يتحدثون.
على أنه لم يستطع حتى من دافع عن الوهابيين إلا أن يعترف بجهلهم ، فهم يقولون أن الجهل كان سائداً في مناطق نجد بشكل عام . فقد جاء في شرح محمد حامد الفقي لأسباب نجاح الوهابية في حين فشل ابن تيمية وابن القيم الجوزية ، قوله (على نهج شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم سلك شيخ الإسلام[6] محمد بن عبد الوهاب ، ولكنه كان قد هُيأ له من الظروف ما لم يتهيأ للشيخين . فبلاد نجد البدوية (حيث انطلقت دعوة ابن عبد الوهاب) غير مصر والشام (حيث نشط ابن تيمية ثم تلميذه ابن القيم) التي كانت تعج بالملوك والأمراء والجيوش والقواد والمدارس والحضارات وتكايا المتصوفة المختلفة ، والقضاة والعلماء والمدرسين في جميع المذاهب)[7] فهذا اعتراف منهم بجهلهم ، وبجهل من انطوت عليهم أفكارهم الفاسدة ، فأكثر أتباع الوهابية اليوم هم من الذين أغلقت أمام أعينهم وسائل معرفة الحقيقة ، فلا تدخل كتب المسلمين إلى ديارهم إلا إذا لمستها يد التحريف لتتناسب ومنظور التضليل الوهابي.[8]
تسميتهم بالحشوية والمشبِّهة والمجسِّمة:
الحشوية هم طوائف مرَّت على مدار التاريخ الإسلامي منهم (الكرامية) و (البربهارية) و (السالمية) وآخر العقد هم الوهابية (الوهابية) والتي خرجت منها فرقة أخرى اليوم تسمى (الجامية) ، وهم أصناف المجسمة عموماً.
وسبب تسمية الذين يُدخلون في العقيدة ما ليس منها بالحشوية : أن طائفة من أسلافهم حضروا مجلس الحسن البصري بالبصرة ، وتكلموا بالسقط عنده فقال : ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة – فتسامع الناس بذلك وسموهم (الحشَوية) بفتح الشين ويصح إسكانها – وناسبهم لقولهم بالتجسيم ، لأن الجسم محشو ، فالحشوية هم الذين حادوا عن التنـزيه ، وتقولوا على الله بأفهامهم المعوجَّة[9].
يقول الشيخ محمد زاهد الكوثري (وكان أهل الحق يلقبونهم بألقاب تكشفهم لمن لا يعرفهم : بالمشبهة لتشبيههم الحق تبارك وتعالى بخلقه في وصفه بما هو من خواص الخلق. وبالمجسمة لقولهم في الله تعالى بالاتصاف بما هو من لوازم الجسم لزوماً بينا .. وبالحشوية نسبة إلى الحشو بسكون الشين ، وهو اللغو الذي لا اعتبار له ، فضلا عن أن يكون منسوباً إلى الله وإلى رسوله ، أو مذهباً يدان الله تعالى به …)[10].
وسيأتيك بهذا الكتاب بإذن الله ما يشرح صدرك بما يثبت استحقاق الوهابية لهذه التسميات بل وما هو أعظم.
خرافة الالتزام بفهم السلف
منقول نصاً من كتاب صحيح شرح العقيدة الطحاوية للشيخ حسن بن علي السَّقاف[11]خرافة الالتزام بفهم السلف
يدعي البعض بأنه يجب فهم الكتاب والسنة بفهم السلف ، وهم بذلك يعتبرون فهم السلف من الأدلة الشرعية الواجب إتباعها وهذا يتضمن مغالطتين:
أن السلف غير متفقين في فهم المسائل فليس لهم مذهب موّحد معروف حتى يصح أن يقال مذهب السلف أو فهم السلف أو يجب فهم الأمور بفهم السلف ، وسترى بعد قليل إن شاء الله تعالى أمثلة اختلاف السلف في مسائل عقائدية وغير عقائدية في فصل خاص وبالله التوفيق[12].
وهؤلاء الذين يدعون الناس إلى فهم السلف نراهم ينافرون فهم الأئمة الأربعة للمسائل الشرعية ويَحثُّون إما على تقليدهم في فهمهم للأمور أو على فهم أناس بعد القرون الثلاثة المسماة بقرون السلف!!
والمغالطة الثانية : أنه ليس في الكتاب والسنة دليل يفيد أنه يجب تعطيل العقول التي وهبنا الله سبحانه وتعالى إياها وفهم الكتاب والسنة بفهم غيرنا ما دام أن المرء وصل إلى درجة الفهم والاجتهاد!!
بل نقول لهؤلاء: إن النصوص الشرعية تخاطبنا مباشرة لنفهم أوامر الله تعالى ونواهيه دون تحريف أو ليٍّ لها ، فقول الله تعالى في آيات كثيرة مثلاً { يا أيها الذين آمنوا } عام يشمل السلف والخلف والمتقدم والمتأخر إلى قيام الساعة.
بل يقطع الشغب في هذه المسألة قوله تعالى { ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } هو صريح بأن علم أو فهم أولي الاستنباط وهم المجتهدون في كل عصر ومصر معتَبَر ، ولم يُخَصَّ ذلك بالسلف ، حيث لم يقل بأن أهل الاستنباط من السلف هم الذين يعلمون الأحكام ويفهمونها دون غيرهم من الخلَف ، وفي هذا دليل واضح على هدم الاستدلال بفهم السلف وجعله أحد الأدلة الشرعية ، بل الصواب أن يقال : إن فهم المجتهدين سواء كانوا من الخلف أو السلف معتبر شرعاً بالنسبة للعامي الذي يتأهل لفهم الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة ، وإجماع هؤلاء المجتهدين في أي عصر من العصور سواء في زمن السلف أو الخلف هو معتبر شرعاً وهو من الأدلة الشرعية ، وما سوى ذلك هذيان!!
ثم إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} ولم يقل ردوه إلى فهم السلف لهما!!
ويؤيد هذا ما جاء في صحيح البخاري (1/204) وغيره عن أبي جحيفة قال : قلت لعلي (رضوان الله عليه) هل عندكم كتاب ؟ قال : (( لا إلا كتاب الله أو فهم أٌُعطيهِ رجل مسلم …)).
قلت : ولم يقيد ذلك بالسلف فلم يقل إلا فهم السلف للكتاب والسنة !! بل قال (( فهم أعطيه رجل مسلم)) وهذا يعم المسلمين في كل عصر ومصر ولا يختص بالسلف !! فمن تأهل للفهم كان له ذلك وليس لأحد أن يلزمه بفهم السلف !! ونعتقد أن القائلين بوجوب أتباع فهم السلف متخابطون متناقضون في هذه المسألة[13]!!
وجاء في الحديث الصحيح ((مثَلُ أُمتي مثَلُ المطر ، لا يُدرى أوَّلُه خيرٌ أم آخِرُه ))[14]
وقال الحافظ ابن الجوزي في ((دفع شبه التشبيه)) ص (111) : (( وقد سئل الإمام أحمد عن مسألة فأفتى فيها فقيل له : هذا لا يقول به ابن المبارك ، فقال : ابن المبارك لم ينـزل من السماء))!!
قلت (أي فضيلة الشيخ السَّقاف)أي أن فهم السلف ليس بحجة يلزمنا العمل بها فانظره.ابن تيمية الحراني[15]ابن تيمية الحراني
هو أحمد بن عبد الحليم بن تيمية حفيد الفقيه المجد بن تيمية الحنبلي المشهور، ولد بحران ببيت علم من الحنابلة سنة 661 هـ، وقد أتى والده الشيخ عبد الحليم مع ذويه من هناك إلى الشام خوفاً من المغول سنة 667هـ .
تميَّز ابن تيمية بذكاء وقّاد وقدرة على جمع العلم والاستيعاب حتى نال ثناء الكثير من العلماء في أول أمره ، قال الحافظ ابن حجر في ترجمة ابن تيمية (كان يتكلم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسنَّة واللغة والنظر مالا يقدر أحد أن يورده في عدة مجالس ، كأن هذه العلوم بين عينيه ، فيأخذ منها ما يشاء ويذر ، ومن ثمَّ نسب أصحابه إلى الغلو فيه ، واقتضى له ذلك العُجب بنفسه ، حتى زها على أبناء جنسه ، واستشعر أنه مجتهد فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم ، قويهم وحديثهم حتى انتهى إلى عمر t فخطأه في شيء… وقال في حقِّ علي أخطأ في سبعة عشر شيئاً خالف فيها نص الكتاب…)[16]
وقد تخلى عنه معاصروه كالتاج الفزاري المعروف بالفركاح وابنه البرهان والجلال القزويني والكمال الزملكاني ومحمد بن الحريري الأنصاري والعلاء القونوي وغيرهم بعد أن بدأ في إذاعة فتنه ولم يأبه بالنصح .
قال عنه المحدِّث الحافظ الفقيه ولِيُّ الدِّين العراقي في كتابه (الأجوبة المرضية على الأسئلة المكية ) : (علمه أكبر من عقله) وقال أيضاً ( إنه خرق الإجماع في مسائل كثيرة قيل تبلغ ستين مسألة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع خالف فيها بعد انعقاد الإجماع عليها).أ.هـ ، وتبعه على ذلك خلقٌ من العوام وغيرهم ، فأسرع علماء عصره في الرد عليه وتبديعه ، منهم الإمام الحافظ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي ، قال في (الدرَّة المضيئة) ما نصه : ( أما بعد فإنه بعد ما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أمور العقائد ، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد ، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة ، مظهراً أنه داعٍ إلى الحق هادٍ إلى الجنة ، فخرج عن الإتباع إلى الابتداع ، وشذّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع ، وقال بما يقتضي الجسمية في الذات المقدَّس ، وأن الافتقار إلى الجزء – أي افتقار الله إلى الجزء تعالى الله – ليس بمحال ، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى ...) واستمر في تعديد مخالفات ابن تيمية كالقول بقدم العالم ، وقد أورد كثيراً منها أيضاً الحافظ أبو سعيد العلائي شيخ الحافظ العراقي نقل ذلك المحدِّث الحافظ المؤرخ شمس الدِّين بن طولون ، ونقتطف منها ما يلي :
(ذكر المسائل التي خالف فيها ابن تيمية الناس في الفروع والأصول :
فمنها ما خالف فيه الإجماع ، ومنها ما خالف فيه الراجح من المذاهب ، فمن ذلك يمين الطلاق ، قال بأنه لا يقع عند وقوع المحلوف عليه بل عليه كفارة يمين ، ولم يقل بالكفارة أحد من المسلمين البتة ... ، وأن طلاق الحائض لا يقع وكذلك الطلاق في طهر جامع فيه زوجته[17] ... وأن الحائض تطوف بالبيت من غير كفارة وهو مباح لها[18] ... وصرّح في بعض مؤلفاته بأن الله تعالى بقدر العرش لا أكبر منه ولا أصغر ، وصنَّف جزءاً في أنَّ علم الله لا يتعلق بما لا يتناهى كنعيم أهل الجنة ، وأنه لا يحيط بالمتناهي ، ومنها أن الأنبياء غير معصومين ... وأن عذاب أهل النار ينقطع ولا يتأبد ... ومن أفْراده أيضاً أنَّ التوراة والإنجيل لم تبدل ألفاظهما بل هي باقية على ما أنزلت وإنما وقع التحريف في تأويلها ، وله فيه مصنَّف ، هذا آخر ما رأيت ، وأستغفر الله عن كتابته فضلاً عن اعتقاده )[19] أ.هـ.
وهذه الشطحات تثير العجب ؛ ولنضرب على ذلك بمثالين بسيطين من قوله ، وهما طواف الحائض وتحريف التوراة والإنجيل ؛ فكيف يؤتم بمن يخالف قوله صريح كلام رب العالمين بأن أهل الكتاب {يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله} فيأتي هذا الزائغ ليقول كلا إنَّ التوراة والإنجيل لم يحرفا ؟! وكيف يؤتم بمن يخالف دلالة السنة ويخالف إجماع الأمة بأن الحائض لا تطوف بالبيت لأن الطواف صلاة فيأتي هذا ليقول بجواز أن أن تطوف الحائض بالبيت؟!
وله حادثة شهيرة في صحن المسجد الأموي ضربه الناس فيها بالنعال حيث يروي أبو الحسن علي الدمشقي عن أبيه قال : ( كنا جلوساً في مجلس ابن تيمية فذكر ووعظ ، وتعرض لآيات الاستواء ثمَّ قال : " واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا " قال فوثب الناس عليه وثبة واحد وأنزلوه من الكرسي ، وبادروا إليه ضرباً باللكم والنعال ...الخ)[20]
وكان الذهبي – وهو من أساتذة المدرسة الحشوية - من معاصريه وممن أعجب بذكائه وعلمه فمدحه في أول الأمر ثمَّ لما تبين له حاله وتحكم الكِبر والغرور به قال عنه في رسالته (بيان زغل العلم والطلب) ما نصه : ( ما وجدت أخَّره بين أهل مصر والشام ومقتته نفوسهم وازدروا به وكذَّبوه وكفَّروه إلا الكِبر والعُجب وفرط الغرام في رئاسة المشيخة والازدراء بالكبار ، فانظر كيف وبال الدعاوى وحبه الظهور ، نسأل الله المسامحة )[21]
وقد كان ابن تيمية ينهج أسلوباً غريباً لنصرة مذهبه مبني على أمور أهمها:
(أ) حكايته لإجماعات وهمية للسلف لا وجود لها على أرض الواقع ليجعل رأيه في حكم المسلَّم به ، وذلك كثير عجيب في كتبه ؛ فعندما يتحدث عن آيات الصفات يقول (إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها ، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة ، وما رووه من الحديث ، ووقفت على ما شاء الله تعالى من الكتب الكتاب والصغار أكثر من مائه تفسير ، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف)[22] فانظر إلى إصراره على إيهام الناس بأنه استقصى الموضوع بحثاً ثم يخرج بهذه النتيجة التي تخالف الواقع مع من لديه أدنى إطلاع على كتب التفسير والحديث ، فالطبري الذي مدح ابن تيمية تفسيره بأنه تفسير ليس فيه بدعة ، يقول (اختلف أهل التأويل في معنى الكرسي ، فقال بعضهم هو علم الله تعالى ذكره)[23] وذكر ذلك منقولا من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس . وهو كثير جداً لا يحصيه إلا كتاب متخصص ككتاب (الأسماء والصفات) للإمام البيهقي.[24] وزعم الإجماع هذا هو عين ما ادعاه في قضية التحيز والعلو الحسي حين زعم أن الذات العلية محدودة بالمكان في عقيدته الحموية الكبرى[25]وقال (..ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ، ولا عن أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك لا نصاً ولا ظاهرا ، ولم يقل أحد منهم قط أن الله ليس في السماء) وهذا ادعاء باطل يعلم بطلانه ابن تيمية ذاته ، ورد عليه عدد غفير من العلماء يبينون عوار شطحته ، فالله سبحانه وتعالى يقول {فأينما تولوا فثم وجه الله} ، ورسوله المصطفى r يقول (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى )[26] وقال (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ)[27]، فالله سبحانه لا تحيط به الأقطار ؛ فكيف يحدّ بالسماء ، أما أقوال الصحابة والتابعين فلا يسعها بحثنا المختصر ، ويكفي للإشارة إليها أن نسوق رد العلامة شهاب الدين بن جهبل[28] الحلبي الشافعي المعاصر لابن تيمية في قوله : (وفي هذا الفريق –أي أدعياء السلفية – من يكذب على السابقين الأولين من الأنصار والمهاجرين ويزعم أنهم يقولون بمقالته ، ولو أنفق ملء الأرض ذهباً ما استطاع أن يروج عليهم كلمة تصدِّق دعواه ، وتستَّر هذا الفريق بالسلف حفظاً لرياسته والحطام الذي يجتلبه {يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم} ، وهؤلاء يتحلون بالرياء والتقشف فيجعلون الرَّوث مُفَضَّضا[29] ، والكنيف[30] مبيَّضا ، ويزهدون في الذرة ليحصلوا الدرة)[31]
(ب) تضعيفه وأشياعه لكل حديث يخالف منهجهم ، من غير عودة إلى العلل الحقيقية في الحديث لتضعيفه ، فيكفي لذلك أنه مخالف لمنهجهم ، فالحديث يجب أن يتبعهم لا أن يتبعوه ولهذا قال الذهبي مخاطبا ابن تيمية (يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك ؛ بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار ، أو التأويل والإنكار)[32]
(ج) تشنيعه وأتباعه على مخالفيهم حتى تتشوه صورهم في الأذهان ، وقد كانوا لا يترددون في رمي المسلمين بالشرك الأكبر لأتفه الأسباب.[33]
ولمثل ذلك فقد استتيب مرات ، وهو ينقض مواثيقه وعهوده في كل مرة ، ومنع من الفتوى ؛ وعُزِّر وحُبس مراراً ، وكان حبسه الأخير بفتوى من القضاة الأربعة[34] ، وحكموا عليه بأنه ضال يجب التحذير منه كما قال ابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ ، وهو من تلامذة ابن تيمية ، وأصدروا عليه حكماً سُمي مرسوم الملك ابن قلاوون يقضي بسجن ابن تيمية بعد أن خاض في مسائل الذات والصفات وأظهر البدع ، وبمنعه من التصرف والظهور ، وبمنع من أصر على أتباعه من القضاء والولاية ؛ وننقل هاهنا مقدمة المرسوم :
(بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي تنـزّه عن الشبيه والنظير وتعالى عن المثل فقال عزَّ وجل {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} أحمده على أن ألهمنا العمل بالسنَّة والكتاب ، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير ، وينزِّه خالقه عن التحيُّز في جهة لقوله تعالى {وهو معكم أينما كنتم}وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك سبيل مرضاته ، وأمر بالتفكر في آلاء الله ونهى عن التفكر في ذاته ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين علا بهم منار الإيمان وارتفع ، وشيّد الله بهم من قواعد الدِّين الحنيف ما شرع ، وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع .
وبعد فإن العقائد الشرعية ، وقواعد الإسلام المرعية ، وأركان الإيمان العلية ومذاهب الدين المرضية ، هي الأساس الذي يبنى عليه ، والموئل الذي يرجع كل أحد إليه ، والطريق التي من سلكها فقد فاز فوزاً عظيما ، ومن حاد عنها فقد استوجب عذاباً أليما ، فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها ويؤكد دوامها ، وتصان عقائد الملة عن الاختلاف ، وتزان قواعد الأئمة بالائتلاف ، ويفرَّق من فِرَقِها ما اجتمع.
وكان ابن تيمية في هذه المدة قد بسط لسان قلمه ، ومدَّ بجهله عنان كلمه ، وتحدَّث في مسائل الذات والصفات ، ونصَّ في كلامه الفاسد على أمور منكرات ، وتكلَّم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون ، وفاه فيما اجتنبه الأئمة الأعلام الصالحون ، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام ، وانعقد على خلافه إجماع العلماء والحكام ، وشهر من فتاويه في البلاد ما استخفَّ به عقول العوامّ ، وخالف في ذلك فقهاء عصره ، وعلماء شامه ومصره ، وبعث برسائله إلى كل مكان ، وسمّى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان… الخ المرسوم)[35]
لقد خاض ابن تيمية في علم الكلام والفلسفة إلى حدٍ كبير – يعمي السلفية عنه أبصارهم - حتى وصل إلى مرحلة آمن فيها بأن الله ليس خالق كل شيء ، ويقول "والأعجب من ذلك حكاية[36] الإجماع على كفر من نازع في أنه سبحانه لم يزل وحده لا شيء معه..)[37] فهل من عجب أن يموت بعد ذلك ابن تيمية في حبسه غير مأسوف عليه بعد أن أشرك مع الله أشياء في القِدَم ؟!
لقد مات بسجن القلعة في دمشق ليلة 22 من ذي القعدة سنة 728هـ.
ونحن نتساءل بعد هذا عن سرِّ هالة التقديس التي يضعها الوهابية اليوم على ابن تيمية ، ما سرُّها والرجل هذا حاله وهذا حكم معاصريه من علماء الإسلام عليه ؟ بل وأي مشيَخة تلك التي يوصف بها فيقال شيخ الإسلام!، إن ذلك بحق تزوير للحقيقة وتشويه للإسلام ليس إلا ، وكأن الإسلام كتب عليه أن يعيش ناقصاً قرابة السبعة قرون حتى يظهر له شيخه ، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.[38]ابن القيِّم الشفيق بإبليسابن القيم الشفيق بابليس
لقد انخدع الكثير من الناس بترويج الحشوية لأرباب نحلتهم ، وإغراقهم المكتبات والمحاضرات بأسماء ينفخونها بنفسهم الخبيث ، كمن يدعُونهما زوراً شيخ الإسلام وتلميذه شمس الدين! ، فيذكرون أقوالهما ويستشهدون بها أكثر من استشهادهم بكتاب الله وسنة رسوله ، وكأن هؤلاء حجة الله على خلقه بين العالمين ، ونحن هنا بصدد تعريف الناس بهذا الملقب بشمس الدين.
هو محمد بن أبي بكر الزرعي ، المعروف بابن قيم الجوزية ، ولد - على رواية ابن رجب - سنة 691 هـ ومات سنة 751 هـ ، وبين ذلك لازم أستاذه ابن تيمية في درسه وفي سجنه بعد أن حكم علماء المسلمين بزيغهما ، ويروي أتباعه بأن هذه الصحبة لم تستمر بعد مماتهما في الآخرة بنفس المنـزلة فيروون أنه (رأى قبل موته شيخه تقي الدين - أي ابن تيمية - في النوم ، وسأله عن منـزلته فأشار إلى علوها فوق بعض الأكابر (لم تحددهم الرواية) ، ثمَّ قال له وأنت كدت تلحق بنا ، ولكن أنت الآن في طبقة ابن خزيمة!)![39]
ونحن لن نعلِّق على هذه الرواية ، ولكن سنذكر شيئاً من علم ابن القيم الذي ينادي به من غير خجل ليرى الناس لماذا حكم عليه علماء المسلمين بالزيغ ، فأودع السجن في دمشق مع أستاذه.
ابن القيم له كتاب يدعى (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطِّلة) نادى فيه بأن الحكمة تقتضي أن لا يعذِّب الله أحدا عذاباً أبدياً في النار فهذا يتنافى مع رحمة الله على حدِّ زعمه ، وبناء على ذلك فإنه يرى أن كلَّ من في النار سيخرج منها إلى الجنة ، وستفنى النار بعد ذلك ، وبهذا سيكون إبليس اللعين وأبو جهل وأبي ابن خلف وفرعون وهامان وقارون مع الأنبياء والصديقين والشهداء.
فهو يُمَهِدُّ لمراده هذا بقوله (كم من بلاءٍ جلب عافية ، وكم من ذلٍ جلب عزَّا ، وكسرٍ جلب جبراً ، إذا اعتبرت أكثر الخيرات والمسرات واللذات وجدتها إنما ترتَّبت على الآلام والمشاق ، وأعظم اللَّذة وأجلها ما كان سببه أعظمه ألماً ومشقة)[40] ، ولو كان كلامه هذا في تحمل المشاقِّ في الدنيا بالجهاد في سبيل الله ، فما كان أعظمَه وأجملَه ، ولكن المؤسف أنه يعني عذاب أهل النار ، ففي نظره أن أعظمهم مشقة هو أعظمهم نعيما ، فيكون إبليس اللعين صاحب المشقة العظمى في النار هو صاحب أعظم نعيم في الجنة!.
ويستمر في مثل الكلام تمهيداً لما يريده ، حتى يبدأ في البحث عن الحجج لإخراج المشركين من النار فيحتج بأن في قلوبهم أكثر من مثقال الذرة من الإيمان فهم {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولون الله} والحديث يقول (أخرجوا من النار من كان في قلبه من الخير ما يزن ذرة أو برة)[41]
، وبناء عليه فهم سيخرجون من النار إلى الجنة !، فهو يقول بعد ذلك (فإن النار إنما سعَّرها الشرك والظلم فلا يمتنع في الرحمة والحكمة والعدل! أن يطفئها ويذهبها بعد أن أخذ الحق منهم)[42] ، وسبحان الله أي عدل هذا الذي يجمع بين رسول الله r وأبي بن خلف في جنة الفردوس ! ، ويقول (إنما سعرت بغضب الجبار تبارك وتعالى ، فإذا زال السبب الذي سعرها ، فكيف لا تطفأ ؛ وقد طفئ غضب الرب وزال!)[43] ويستمر في هذا السبيل مماحكاً ، والعجب أنه يستدل بآيات من القران وهي فاضحةٌ لمقصده بيِّنة الدلالة بالخلود ؛ ليُثبت بها فناء نار جهنم ؛ وكأنه مشفق على إبليس وحزبه ، فينقلهم من النار إلى رحمة الله .
وهذا كلام من السخافة بحيث ترى أن لا مدعاة للردِّ عليه ، ويكفي أن لا يوجد نصٌ يدلُ عليه إلا التأويل الأعوج - والغريب أن ابن القيم هذا يصرح بحربه للتأويل في كتابه المذكور[44] - بينما آي القرآن مصرحة بالخلود في النعيم والعذاب ومنها قوله سبحانه وتعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا} وقد حكم سبحانه وتعالى حكماً جازماً على الكافرين في قوله{إنَّ الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا لِيَهديهم طريقا * إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداْ وكان ذلك على الله يسيرا} ، ويقول سبحانه {ولهم عذاب مقيم} ، { و لا يجدون عنها محيصاً} ، { ليس مصروفاً عنهم} ، {ثمَّ لا يموت فيها ولا يحيا} ، { وما هم بخارجين من النار} ، {وما هم عنها بغائبين} وغيرها الكثير من الآيات المصرحة بالخلود الأبدي في النار وأن لا طريق للكافرين غيرها فأين المفر من صريح القرآن ، وأحاديث الرسول الكريم واضحة الدلالة بالخلود في النار كذلك ، ومنها قولُ رَسُولِ اللَّهِ r يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَطَّلِعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ فَيُقَالُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ عَلَى الصِّرَاطِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْفَرِيقَيْنِ كِلَاهُمَا خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا)[45] ، وكذلك قوله r: ( مَنْ حَسَا سُمًّا فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) ، فقوله r (خلود فيما تجدون لا موت فيها أبدا ) و ( فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا )[46] في غير ما حاجة إلى شرح أو تأويل ، والمسلم العاقل الذي يقرأ كتاب الله لا يحتاج إلى دليلٍ لمعرفة الحقِّ في ذلك ، ولكن العجب أن نجد من يروِّج لهذا الفكر السقيم ، ونخصُّ بالذكر الوهابية الذين أحيوا فكر ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وما ذلك إلا لحبِّ محمد بن عبد الوهاب ومن تبعه - عالماً بطريقته أو مغرراً به - لتشويه دين الله وبلبلة عقول المسلمين ، كما خطط لذلك أساتذة محمد بن عبد الوهاب النصارى الذين لم يكتفوا بتلقينه أصول اللعبة في العراق بل رافقوه حتى بعد عودته إلى نجد حيث الزلازل والفتن كما وصفها رسول الله r ، ليتأكدوا من سيره على المنهج الذين رسموه له كأمثال (هامفر) ، والذين خلفوه من بعد كالمدعو (الكابتن شكسبير) الذي قتل أثناء حرب الوهابية لابن رشيد وقومه ، ومن بعده (جون فيلبي) الذي يسميه الوهابية (الشيخ عبدالله فيلبي!) الذي خطب بهم خطبة فتحهم لمكة المكرمة وأذَّن وصلى بهم ! كما أوضحنا ذلك مع ذكر مصادره التاريخية عند حديثنا عن هجومهم على مكة المكرمة خلَّصها الله من أيديهم اللئيمة.
لماذا انخدع الكثير من الناس بكلام ابن القيم؟
انخدع الكثير من الناس بفكر ا بن القيِّم لسببين رئيسين:
أولهما : الدعاية المغرِّضة التي ينشرها عبدة فكره بين الناس (الحشوية) ، فهم ينفقون أموالهم في سبيل ذلك ليل نهار ، يتمثل ذلك في نشر كتبه ودراسة شخصه وآثاره في جامعات الوهابية بما يشبه التقديس ، والكتابة عنه في المجلات والمنشورات ، وحشر اسمه في كلِّ شيء فلا تكاد تمرُّ معهم خطبة أو درس أو محاضرة إلا واسم ابن القيم وأستاذه ابن تيمية واسطة عقدها ، وهذا سبب تشويشاً كبيراً في أذهان الناشئة وأنصاف المتعلمين حتى كبُرا في أعينهم ، فهما يُذكران قبل الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وبعده ، حتى أخذ العامة أقوالهما كمسلَّمات ، ولو علموا حقيقتهما لفروا منهما فرار السليم من الأجرب.
ثانياً: ابن القيم كاتب يزوِّر كلامه ويُنَمِّقُه ، فلسفيٌّ في منطِقه ، خبيثٌ في مقاصِدِه ، يلبس الحقَّ بالباطل ، فتراه يُمهِّدُّ لمقصده تمهيداً طويلاً ، وله دهاءٌ عظيم في ليِّ أعناق الآيات والأحاديث النبوية حتى إنه لَيستعين بالأحاديث الموضوعة ، كي يوصل مراده إلى أذهان الناس من غير مفاجئة ، وإن كان ما يريده داهية من الدواهي وطامة من الطامَّات ، ولا يتردد في أن يعمد إلى الآيات والأحاديث التي تخالف مقصوده فيدخلها كشواهد له ، حتى إذا مرَّ عليها القارئ غير البصير ظنَّ أنَّ الشيخ قد سوَّر بناءه بسور متين ، فلم تبق آية إلا وقد استشهد بها ، وهو أسلوب خبيث يدلُّ على مكرٍ عظيم ، واقتداءٍ بأستاذ الشياطين ،إبليس اللعين.
و لايفوتنا هنا أن ننوه بأن بعض الوهابية اليوم اقتنعوا بعدم فناء النار ، ولكنهم يرون أن اجتهاد ابن القيم وأستاذه ابن تيمية في بعض الروايات عنه اجتهادٌ يؤجرون عليه ، مع أنه اجتهاد مخالف للنص الصريح ، فلماذا يؤجر هؤلاء ويُؤزر غيرهم من الذين لا يخالف اجتهادهم النص؟!
ختاماً يجب أن نذكر بإكبار علماء أهل السنّة الفضلاء الذين ردُّوا على ابن تيمية وتلميذه هذا ردوداً مطوَّلة ، ونخص منهم علماء الحنابلة – لأن هذين يدعيان أنهما منهم – الذين جزموا بخروج هذين من الملة الإسلامية لآرائهما المتطرفة ، وقد ذكرنا ستين عالماً من أهل السنة ممن ردوا على ابن تيمية في هذا الكتاب.
محمد بن عبد الوهاب[47]محمد بن عبدالوهاب
ينسب مذهب الوهابية إلى محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي[48].
ولد محمد بن عبد الوهاب بقرية العيينة سنة [49]1111 وتوفي سنة [50]1207هـ فيكون عمره ستاً وتسعين سنة وأخذ في أول أمره عن كثير من علماء مكة والمدينة وكانوا يتفرسون فيه الضلال والإضلال وكان والده عبد الوهاب من العلماء الصالحين وكان يتفرس فيه ذلك ويذمَّه كثيرا ويحذر الناس منه[51] وكذا أخوه سليمان بن عبد الوهاب أنكر عليه ما أحدثه وألف كتابا في الرد عليه .
وكان في أول أمره مولعا بمطالعة أخبار مدعي النبوة كمسيلمة وسجاح والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأمثالهم ، وابتدأ ظهور أمره سنة 1143 هـ.
وكان يتردد على مكة والمدينة في صغره للأخذ من علمائها بتوجيه من أبيه ، وممن جالسه في المدينة من العلماء : الشيخ محمد بن سليمان الكردي ، والشيخ محمد حياة السندي ، وكان الشيخان المذكوران وغيرهما من المشايخ الذين أخذ عنهم يتفرسون فيه الغواية ، والإلحاد ويقولون : "سيضل الله تعالى هذا ، ويضل به من أشقاه من عباده " فكان الأمر كذلك ، وكان أبوه عبد الوهاب (وهو من العلماء الصالحين ) يتفرس فيه الإلحاد ، ويحذر الناس منه ، وكذلك أخوه الشيخ سليمان . .[52].
وكان جده سليمان راعيا فقيراً رأى في منامه كأن شعلة نار خرجت منه وانتشرت في الأرض وصارت تحرق من قابلها فقصها على معبر فعبرها بأن ولدا له يحدث دولة قوية فتحققت الرؤيا في حفيده محمد بن عبد الوهاب .
تعريف سليمان هذا:
يروي مشايخ نجد أن سليمان هذا اسمه الحقيقي شولمان قرقوزي (أي بائع البطيخ) من يهود الدونمة ، خرج من بلدة بورصة بتركيا ، مع زوجته إلى بلاد الشام ، فأصبح اسمه سليمان بن علي ، واستقر في ضاحية ( دوما ) في دمشق ، وأخذ يتاجر بالدين هذه المرة لا بالبطيخ ، فاكتشفه أهالي سوريا ، ورفضوا تجارته ، وربطوا قدميه ، وضربوه ضرباً أليما ، وبعد عشرة أيام أفلت من رباطه ، وهرب إلى مصر ، وما هي إلا مدة وجيزة وطرده المصريون ، فسار إلى الحجاز واستقر في مكة ، وأخذ يشعوذ فيها باسم الدين فاكتشفه أهالي مكة فطردوه ، فسار إلى المدينة المنورة ، لكنهم أيضا طردوه .. كل ذلك في مدة لا تتجاوز الأربع سنوات ، فغادر إلى نجد واستقر في بلدة اسمها العيينة ، وهناك وجد مجالا خصباً للشعوذة ، فاستقر بنجد وادَّعى أنه من سلالة ربيعة ، وأنه سافر به والده صغيراً إلى المغرب العربي.[53]
ورغم أننا نؤمن أن من الأعراب من هو أشد خطراً على الإسلام من اليهود والنصارى ، حتى قال الله سبحانه وتعالى فيهم { الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله } فإن هذه الرواية لا تستبعد ، و لا يضير ذلك عبد الوهاب وابنه سليمان حيث اشتهرا بحسن الإسلام ، ويكون هذا المدعو محمداً قد نزغه عرقه اليهودي ، وفي تدميره لبلدته العيينة دليل على ذلك ، إذ حب الوطن من الإيمان وكيف لمسلم قتل أهله وعشيرته الموحدين ، ومن رأى صورة الحفيد محمد هذا في كتاب الفرقة الوهابية في خدمة من ؟! وهو يخطب على أجساد المسلمين في النجف بالعراق بعد أن غزاها وأنصاره لن يشك في يهوديته.
مبدأ الشيخ:
زوَّج أمير العيينة عثمان بن حمد بن معمر ابنة عمه الجوهرة بنت عبدالله بن معمر لمحمد بن عبدالوهاب فقال الشيخ للأمير (إني آمل أن يهبك الله نجداً وعربانها)[54] !! ولك أن تتأمل في هذا الكلام وتحلل شخصية قائلها على ضوئها ، فقيمة المسلمين في نظر شيخ الإسلام الذي جاء ليحرر البشرية في جزيرة العرب من نير الشرك وأغلال الضلال لا تتجاوز أن يكونوا عبيداً يوهبون وأرضهم للسادة الأمراء ؛ ولكن الأمير لم يلبث أن طلب منه الخروج من أرضه بعد إصرار قائد الإحساء والقطيف سليمان بن محمد بن غرير الحميدي القوي[55] وأهل حريملاء والبصرة على قتله لإثارته القلاقل والفتن ؛ فالتجأ إلى أمير الدرعية محمد بن سعود فما كان من الشيخ إلا أن وعده أيضاً (أن تكثر الغنائم عليه والأسلاب الحربية التي تفوق ما يتقاضاه من الضرائب)[56] ثم انقلب على ختنه فاغتاله في المسجد !
إن مبدأ الشيخ كان واضحا (الوهابية أو السيف).
ظهور أمره:
يقول مفتي مكة المكرمة الشيخ أحمد بن زيني دحلان في كتابه (خلاصة الكلام في أمراء البيت الحرام): (كان ابتداء ظهور محمد بن عبد الوهاب سنة 1143هـ واشتهر أمره بعد الخمسين فاظهر العقيدة الزائفة بنجد وقراها فقام بنصره محمد بن سعود أمير الدرعية فحمل أهلها على متابعته فتابعوه وما زال يطيعه كثير من أحياء العرب حتى قوي أمره فخافته البادية وكان يقول لهم إنما أدعوكم إلى التوحيد وترك الشرك بالله) .
ويقصد بالتوحيد عقيدة التجسيم ودعوى فناء النار ، وهذا أكثر ما أثر في دعوته التي ورثها عن ابن تيمية وابن القيِّم ، يقول الألوسي في تاريخه : ( أن ابن عبد الوهاب نشأ في بلد العيينة من بلاد نجد فقرأ على أبيه الفقه على مذهب أحمد بن حنبل وكان من صغره يتكلم بكلمات لا يعرفها المسلمون وينكر عليهم أكثر الذي اتفقوا على فعله لكنه لم يساعده على ذلك أحد فسافر من العيينة إلى مكة المشرفة ثم إلى المدينة ثم عاد إلى نجد ثم رحل إلى البصرة وأظهر هناك من الزيغ ما دعا المسلمين إلى طرده فخرج هاربا إلى بلد (حريملاء) فوقع بينه وبين أهلها نزاع بسبب آرائه فنهاه أبوه عن ذلك فسكن إلى أن مات أبوه بعد سنتين أي عام 1153 هـ ، فتجرأ على إظهار عقائده التي ترمي أهل الإسلام بالشرك ، وتبعه حثالة من الناس إلى أن غص أهل البلد من مقالاته فهموا بقتله فانتقل من حريملة إلى العيينة ، ورئيسها يومئذ عثمان بن أحمد بن معمر ، وطلب منه مناصرته وقال له : (إن نصرتني ملكت نجداً) فلم يسمع منه وخرج إلى الدرعية سنة 1160 هـ ، وهي بلدة مسيلمة الكذاب ، فبايعه محمد بن سعود فخرجا لقتال المسلمين . ومات ابن عبد الوهاب سنة 1206هـ)[57]
لقد كان بقاء محمد بن عبد الوهاب هذا في البصرة نقطة تحول جذري في حياته ، حيث وجد فيه رجال المخابرات البريطانية ضالتهم ، فهو شاب مهووس بجنون العظمة ، يتجرأ على الفتيا ويدعي الاجتهاد ، ويريد الوصول إلى الشهرة بأقصر السبل ، فما كان من ضابط بالمخابرات البريطانية ، ويدعى المستر همفر إلا أن تبنى قضيته ، ولازمه في صداقة حميمة ، ليصنع منه زعيماً روحياً تموت على يديه روح الجهاد المقدس ضد المستعمرين النصارى والتي عانى منها الإنجليز الأمرَّين في شبه القارة الهندية ، ويتحول الجهاد إلى فتك بالمسلمين بدعوى محاربة الشرك والوثنية وعبادة القبور على الرغم من أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قد نصَّ على أن الشيطان قد آيس أن يعبده المسلمون عموماً وأهل الجزيرة خصوصاً في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (قَدْ يَئِسَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ )[58] ، وقوله : (إنَّ الشَّيطانَ قد أيِس أنْ يَعبدَه المصلُّونَ في جَزيرةِ العَربِ ولكنْ في التَّحريشِ بينَهم )[59] ، وقوله في آخر حياتهr (.. وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا)[60]
لقد عاد حفيد شولمان المسمى زوراً محمد ، كما سُمِّي المستر فيلبي زورا (الشيخ عبدالله ) من البصرة هارباً إلى العيينة يرافقه أستاذه همفر - الذي كتب مذكراته[61] مع ابن عبد الوهاب - ومجموعة من رجال المخابرات البريطانية في صورة رقيق اشتراهم من البصرة ، وسرعان ما اتفق مع محمد بن سعود أمير مدينة الدرعية في نجد فقوي كل منهما بالآخر حيث تقاسما السلطة : لابن سعود السلطة السياسية ، ولابن عبد الوهاب السياسة الدينية ، حيث ما يزال عقبه يتولون الزعامة الدينية ويُدعَون (آل الشيخ ).[62]
ولقد خرجت حملاتهم تستبيح الدماء وتسبي الذراري وتغنم المسلمين ؛ فكانت حروبهم (جهاداً) وغاراتهم (غزوات) وانتصاراتهم (فتوحات) ورعاياهم (مسلمون) والخروج على طاعتهم (رِدَّه)![63]
أول غاراته على المسلمين:
لقد سارت أول سرية للإغارة على المسلمين في بلاد الجزيرة بمباركة الشيخ حيث يقول مؤرخ الوهابية عثمان بن بشر النجدي: ( ثم أمر الشيخ (أي محمد بن عبد الوهاب) بالجهاد وحضهم عليه فامتثلوا ، فأول جيش غزا سبع ركايب ، فلما ركبوها وأعجلت بهم النجائب في سيرها سقطوا من أكوارها لأنهم لم يعتادوا ركوبها، فأغاروا أظنه على بعض الأعراب فغنموا ورجعوا سالمين)[64] ونحن نتساءل عن الموجب للإغارة على هؤلاء الأعراب ؟! وما هو المسوغ لأخذ مالهم غنيمة ؟! .
وبعد خمس عشرة سنة اتسعت ولاية الوهابية نتيجة الغارات ؛ وتركيع القبائل البدوية المجاورة التي كان يغلب عليها الجهل فتبعت المذهب الوهابي ، حيث جمعوا أموالاً عظيمة من الغارات ، وصار جيشهم يربو على مائة وعشرين ألف مقاتل .
تقواه وورعه:
نسرد هنا مثالين بسيطين من أفعاله كافية لأن تهوي به في قعر نار جهنم ، تحقيقاً لقول الله سبحانه في قاتل المؤمن متعمداً وبغير حق ، وإلا فإن تأريخ قدوة الوهابية هذا زاخر بدماء المسلمين:
1. قال الشيخ أحمد زيني دحلان : (وهم يمنعون من الصلاة على النبي r على المنائر بعد الأذان حتى إن رجلا صالحا كان أعمى وكان مؤذنا وصلى على النبي r بعد الأذان بعد أن كان المنع منهم ، فأتوا به إلى محمد بن عبد الوهاب فأمر به أن يقتل فقتل ، ولو تتبعت لك ما كانوا يفعلونه من أمثال ذلك لملأت الدفاتر والأوراق وفي هذا القدر كفاية)اهـ.
2. . لقد هجم محمد بن عبد الوهاب على بلدته الأصلية العيينة فجعلها قاعاً صفصفاً ؛ حيث اغتال حاكمها عثمان بن حمد بن معمر في مصلاه بالمسجد يوم الجمعة وسماه مشركاً ، وهو كما قالت عاتكة:شَلَّت يمينك إنْ قتلتَ لمسلماً *** حَلَّتْ عليك عقوبةُ المتعمِّد
ثمَّ قتل رجالها كلهم وهدم بيوتها وأحرق أشجارها وقطع نخيلها واستولى على النساء والحيوانات وتركها خراباً ، وحرَّم بناءها أو سكناها منذ مئتي سنة وزعم كذباً وفجوراً أن الله أرسل للعيينة الجراد فأكلها عن آخرها![65]
أمانته:
يقول مؤرخهم عثمان بن بشر النجدي في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد)[66] : (وكان الشيخ -رحمه الله- لما هاجر إليه المهاجرون[67] ، يتحمل الدَّين الكثير في ذمته لمؤونتهم وما يحتاجون إليه ، وفي حوائج الناس وجوائز الوفود إليه من أهل البلدان والبوادي ، ذكر لي أنه حين فتح الرياض وفي ذمته أربعون ألف محمدية (عملة نقدية) فقضاها من غنائمها)[68] مع أن أهل الرياض كانوا حنابلة لكنهم استباحوا أموالهم ، فترى أنه قضى أربعين ألف محمدية من أموال أهل الرياض ، كيف استباح الشيخ ذلك من هؤلاء الناس ؟! أليسوا أهل عقيدة ؟! ألا يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟! أما في كلمة "لا إله إلا الله " معصم لهؤلاء ؟! تم قال : (وكان لا يمسك على درهم ولا دينار، وما أوتي إليه من الأخماس) ولنقف عند كلمة الأخماس ، فإنه لا يخمَّس إلا ما يغنم من مال المشرك أما مال المسلم فلا يخمس بأي حال من الأحوال .
يقول : (وما أوتى إليه من الأخماس والزكاة يفرقه في أوانه ، وكان يعطى العطاء الجزيل بحيث إنه يهب خمس الغنيمة العظيمة للاثنين أو الثلاثة ، فكانت الأخماس والزكاة وما يجبى إلى الدرعية من دقيق الأشياء وجليلها تدفع إليه بيده ، ويضعها حيث يشاء)[69]. أليس هذا وبكل وضوح هو أسلوب عصابات اللصوص قطَّاع الطرق الذين يتقاسمون المسروقات بعد كلِّ غارة ؟!.
بل وكان من عادة ابن عبد الوهاب وأتباعه أسر النساء والأطفال ، ولم تنتشر سرقة الأطفال في أرض الجزيرة العربية وبيعهم في أسواق نجد إلا بعد ظهور الوهابية.[70]
من أفعال الشيخ
كان يمنع أصحابه من مطالعة كتب التفسير والفقه والحديث ويحرقها ، وينكر علم النحو واللغة ويقول إن ذلك بدعة![71].
وكان يأذن لأتباعه أن يفسّروا القرآن بحسب أفهامهم بلا التفات إلى القواعد الصرفية والبيانية والمنطقية ، ويقول لعماله : اجتهدوا بحسب فهمكم ونظركم واحكموا بما ترونه مناسباً لهذا الدين ولا تلتفتوا لهذه الكتب التي فيها الحق والباطل[72].
وإذا أراد أحد أن يدخل دينه يقول له بعد الإتيان بالشهادتين: (إشهد على نفسك إنك كنت كافرا ، واشهد على والديك أنهما ماتا كافرين ، واشهد على فلان وفلان – ويسمِّي له جماعة من أكابر العلماء الماضين – أنهم كانوا كفارا ، فإن شهدوا قَبِلَهم وإلا أمر بقتلهم. وكان يصرِّح بتكفير الأمة منذ ست مائة سنة.[73]
وكان يكفِّر كل من لا يتَّبعه وإن كان من اتقى المتَّقين فيسمِّيهم مشركين ، ويستحل دماءهم وأموالهم.
ويثب الإيمان لمن اتبعه وإن كان من أفسق الفاسقين.
وكان ينتقص النبي r بعبارات مختلفة زاعماً أن قصده المحافظة على التوحيد.
وكان يسمي جماعته من أهل بلده الأنصار ويسمّي من اتبعه من الخارجين المهاجرين ، وإذا تبعه أحد وكان قد حجّ حجة الإسلام يقول له : حجَّ ثانيا فإنّ حجتك الأولى فعلتها وأنت مشرك فلا تقبل ، ولا تُسقط عنك الفرض ! [74]
ومن البدع التي أخرجها هو وقومه ترك العمائم ، مع أنها من السنة ، وهي تيجان العرب ، فترى أتباعه اليوم شغلهم الأكبر في صلاتهم إصلاح هيئة الخرق الحمراء ! التي تنسدل على جباههم وجنوبهم .
عقيدته:
أهم ما يميز العقيدة التي تبناها الشيخ الجوانب الأربعة التالية:
1. تجسيم وتشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه وفرية أنه التحيُّز في جهة تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
2. دعوى محاربة عبادة القبور وتحريم التوسل بالنبي r وزيارته.
3. تكفير المسلمين ورميهم بالشرك.
4. استحلال دماء المخالفين وأموالهم.

علمه:
حينما تسمع بدعوى التجديد تحسب أن هذا الشيخ قد ترك الكثير من النفائس الفكرية ، وأنه قد ملأ المكتبة الإسلامية علماً ونوراً ، ولكن الحقيقة بخلاف ذلك تماماً فلا يوجد للشيخ متن واحد في العلم يصلح أن يدرس ، بينما ترك نتفاً هي في أضخم أحوالها كتيبات ، وهي مع ذلك مليئة بالجهل والتخليط والانتصار بالأحاديث الضعيفة والموضوعة ، ولدلالة على ذلك فقد اخترنا أشهرها لديهم وهو (كتاب التوحيد) وعرضنا بعض ما فيه من جهل وتخبيط يريك ما عليه شيخ النجدية من ضلالة.
من أقوال العلماء فيه[75]:
أقوال العلماء في هذا الزائغ لا يتسع لها مقالنا ولكن نورد التالي:
· قال له أخوه سليمان يوماً : كم أركان الإسلام يا محمد ؟ فقال خمسة ، فقال أنت جعلتها ستة ، السادس : من لم يتبعك فليس بمسلم.
· وقال عنه الأمير الصنعاني صاحب سبل السلام :
وقد جاء من تأليفه برسائـل *** يكفِّر أهل الأرض فيها على عمد
ولفق في تكفيرهم كل حجة *** تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
وصدق والله
· وقال عنه مفتي الحنابلة في مكة المكرمة الشيخ محمد بن عبدالله النجدي الحنبلي ت 1295هـ في كتابه (السحب الوابلة علىضرائح الحنابلة) في ترجمة والد محمد بن عبد الوهاب ما نصه : ( وهو والد محمد صاحب الدعوة التي انتشر شررها في الآفاق ، لكن بينهما تباين مع أن محمداً لم يتظاهر بالدعوة إلا بعد موت والده وأخبرني بعض من لقيته عن بعض أهل العلم عمّن عاصر الشيخ عبد الوهاب أنه كان غضبان على ولده محمد لكونه لم يرض أن يشتغل بالفقه كأسلافه وأهل جهته ويتفرس فيه أن يحدث منه أمر ، فكان يقول للناس : يا ما ترون من محمد الشر ، فقدر الله أن صار ما صار .. ثم قال عن تمجيده لابن تيمية وابن القيم : ..يرى كلامهما نصاً لا يقبل التأويل ، ويصول به على الناس .. وقال عن تسليم الله لأخيه سليمان من شره بعد أن ألَّف رسالته (فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب)..إنه كان إذا باينه أحد ولم يقدر على قتله مجاهرة يرسل إليه من يغتاله في فراشه أو في السوق ليلاً لقوله بتكفير من خالفه واستحلاله قتله) فكيف لمن كان هذا حاله أن يبرز في العلم وهو لم ينفر للتفقه في الدين ، وكيف له أن يفلح عند الله وقد أغضب والده الصالح؟!
· وقال عنه الشيخ محمد أمين بن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار (4/262) كتاب البغاة عند حديثه عن الوهابية : (خرجوا من نجد وتغلَّبوا على الحرمين ، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة ، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون)
· وقال عنه العلامة جميل صدقي الزهاوي في الفجر الصادق : (الوهابية فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوهاب . وابتداء ظهور محمد هذا كان سنة (1143 هـ ) ، وإنما اشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر عقيدته الزائفة في نجد، وساعده على إظهارها محمد بن سعود أمير الدرعية بلاد مسيلمة الكذاب مجبرا أهلها على متابعة ابن عبد الوهاب هذا، فتابعوه ، ومازال ينخدع له في هذا الأمر حي بعد حي من أحياء العرب حتى عمت فتنته ، وكبرت شهرته ، واستفحل أمره فخافته البادية. وكان يقول للناس : ما أدعوكم إلا إلى التوحيد، وترك الشرك بالله تعالى في عبادته ، وكانوا يمشون خلفه حيثما مشى حتى اتسع له الملك)[76].
· وقال الشريف عبد الله بن الشريف حسين باشا في (صدق الخبر في خوارج القرن الثاني عشر )الصفحة الأولى: إن ابتداء ظهور ابن عبد الوهاب ببدعته في نجد كان سنة 1143 هجرية ثم كان استيلاء الوهابيين على مكة سنة 1218 هـ فتسمية الوهابيين بخوارج القرن الثاني عشر هي مبنية على ابتداء ظهور بدعتهم ، لا على ابتداء استيلائهم الأول على مكة).
وقد رد بعض أتباع الأئمة الأربعة عليه وعلى مقلديه بتآليف كثيرة جيدة:
وأول من ردَّ عليه أكبر أساتذته الشيخ محمد بن سليمان الكردي مؤلف حواشي شرح ابن حجر على متن بافضل (وهو متن مشهور في المذهب الشافعي) ، فقال في جملة من كلامه (يا ابن عبد الوهاب كفَّ لسانك عن المسلمين) والمؤسف أنه لم يكف لا لسانه ولا يده .
وممن رد عليه من الحنابلة : أخوه سليمان بن عبد الوهاب في كتابين تعرضنا لأحدهما .
ومن حنابلة الشام : آل الشطّي ، والشيخ عبد القدومي النابلسي في رحلته ، أما من المعاصرين فعدد لا يحصى من العلماء .
وممن نص على خروجه من الملة:
العلامة المحقق ابن عابدين الحنفي في حاشيته (رد المحتار على الدر المختار)، في باب البغاة،
والشيخ الصاوي المصري في حاشيته على الجلالين لتكفيره أهل (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) برأيه.
انخداع الناس به:
لقد وجد الشيخ في نجد مرتعاً خصباً ، حيث عشش الجهل فيها وباض ، فسارت في ركابه رضاً وكرها ، وتسامع الناس بدعوته التي تحول قطاع الطرق في نجد إلى دعاة للتوحيد وهدم القباب والقبور ، فانخدع الكثير من البسطاء به ، بل وانخدعت به طائفة من العلماء الذين يسمعون به ولا يرونه لبعدهم عنه ، مثلما انخدع الكثير من الناس بالطاغية أتاتورك ، حتى قال فيه شوقي :
(يا خالد الترك جدِّد خالد العربِ) ، وممن انخدع به العلامة الصنعاني صاحب سبل السلام ، فقال فيه:سلامٌ على نجدٍ ومن حلَّ في نجْــــدِ وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
حتى إذا أتاه الخبر اليقين قال:رجعت عن القول الذي قلت في النجدي فقد صحَّ لي عنه خلاف الذي عندي[77]
ومنها ما ذكرنا في مقالنا ، وكذلك انخدع به السيد محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار فألف كتابه الوهابيون والحجاز ، وما ذلك إلا لكراهيته للأشراف وحبه في زوال دولتهم فليتنبه المسلم.
دعوى رجوعه إلى الحق:
بعد انقسام الوهابية اليوم إلى عدة جبهات ، تدعي بعضها أن الشيخ تاب مما كان عليه ، بعد أن رأى أن الأمر قد خرج عن دائرة الدعوة إلى قتل المسلمين وسرقة أموالهم وسبي نسائهم ، وطلب الدنيا بتوسيع رقعة النفوذ بأي ثمن كان. وهذا الكلام مردود باطل لا يقوله إلا متابع للعاطفة لا للحقيقة ، فإن الغارات وفرق الاغتيال من مبتدئها ما كانت تخرج إلا بمباركة الشيخ وتوجيهه وذلك باعتراف أشياع الشيخ ، أما قعوده في آخر حياته فيوضحه مؤرخ الوهابية الشيخ عثمان النجدي بقوله ( فلما فتح الله الرياض واتسعت ناحية الإسلام وأمنت السبل وانقاد كل صعب من بادٍ وحاضر جعل الشيخ الأمر بيد عبد العزيز وفوض أمور المسلمين وبيت المال إليه وانسلخ منها ولزم العبادة وتعليم العلم ، ولكن ما يقطع عبد العزيز أمراً دونه ولا ينفذه إلا بإذنه)[78] هذه هي الحقيقة باعتراف الوهابية ، وفي هذه المقالة أكثر من جانب للتحليل عن تواطؤ الشيخ على الإسلام والمسلمين ، ويجب أن تتنبه إلى إشارته إلى اتساع رقعة الإسلام بفتح الرياض !! فإلى هذا التاريخ لم يدخل الوهابية مكة والمدينة أي أن الإسلام لم يدخلهما بعد
هذا باختصار شديد ، وإلا فإن شخصاً كمحمد بن عبد الوهاب يحتاج إلى دراسة متأنية لخطورة دعوته ، وعموم فتنتهالألباني محدِّث السلفيةالالباني محدث السلفية
الشيخ ناصر الألباني يصرح الوهابية بأن الأرض أجدبت من أهل الحديث حتى ظهر هو ، فيصفه ابن باز بأنه أعلم من على أديم الأرض بالحديث ، ويصفونه بقولهم (محدِّث العصر) ، وفي المقابل فإنَّ علماء الحديث من غير الوهابية يسمُّون الألباني (بالشيخ المتناقض) فما سرُّ هذا التضارب في التسميات يا ترى ، ومن هو على الصواب ؟!
لتعلم الحق يقيناً فإنني سأنقل لك الحقائق والبراهين موثقة ، وباختصار من عدَّة كتب ، أولها كتاب ( تناقضات الألباني الواضحات فيما وقع له في تصحيح الأحاديث وتضعيفها من أخطاء وغلطات)[79] للشيخ حسن بن علي السقاف الشافعي المذهب ، وما سأنقله لا يشكل إلا شيئاً يسيراً من الجزء الأول:
1. الألباني يعيب على أئمة الحديث الجهل به وهو مخطئ :
الألباني مثله مثل باقي الحشوية لا يتردد في الانتقاص من المسلمين حتى وإن كانوا قد انتقلوا إلى الدار الآخرة وحتى وإن كانوا أئمة الحديث ؛ فيصف الحافظ السيوطي بأنه (يجعجع ) (السلسلة الضعيفة 4/198) ويقول عنه في نفس الكتاب (3/479) : (فيا عجباً للسيوطي كيف لم يخجل من تسويد كتابه …) ويصفه بالتناقض (4/182) ويصف الإمام الذهبي بهذا الوصف أيضا في نفس الكتاب (4/442) ويصف بذلك أيضاً الحافظ ابن الجوزي بالتناقض والإساءة (سلسلته الصحيحة 1/193) وكذلك يصف ابن حبان بالتناقض (الضعيفة 3/267) ولا يتردد أن يصف الحافظ ابن حجر بذاك أيضاً (الضعيفة 3/266) وقد كان في كلِّ أحواله مثال التناقض الواضح وإليك مثالاً واحداً على تخبطه :
· عاب على الإمام السيوطي والمناوي والإمام المحدِّث عبدالله بن الصديق الغماري إيرادهم لحديث (أفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل الأرحام ، وقم بالليل والناس نيام ، ثمَّ ادخل الجنة بسلام ) فقال في (سلسلته الضعيفة) (3/492) بعدما عزاه لأحمد (2/295) وغيره : (قلت وهذا إسناد ضعيف ، قال الدارقطني : أبو ميمونة عن أبي هريرة ، وعنه قتادة :مجهولٌ متروك) ثمَّ قال الألباني في نفس الصحيفة : (تنبيه : قد وقع للسيوطي ثم للمناوي خبط في لفظ هذا الحديث وسياقه ، بينته في المصدر الآنف الذكر برقم (517) وكذا أخطأ الغماري بإيراده في كنـزه ) اهـ.
أقول (أي الشيخ السقاف) : بل أنت وقعت في الخبط والخطأ الأعظم ، بل والتناقض الأكبر ، والدليل على ذلك أنك صححت هذا الحديث بعينه وبنفس سنده في موضع آخر وأنت لا تدري ، حيث قلت في (إرواء غليلك) (3/238) ما نصُّه : أخرجه أحمد (2/259) والحاكم … من طريق قتادة عن أبي ميمونة . قلت (أي الشيخ الألباني) : وإسناده صحيح ، رجاله رجال الشيخين غير أبي ميمونة وهو ثقة ، كما في (التقريب) وقال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي))اهـ.
2. الألباني يخطئ المحدِّثين والحفاظ في عزوهم أحاديث لبعض كتب السنَّة مع كون تلك الأحاديث موجودة فيها :
مثال ذلك ما قاله الألباني في صحيحته (1/760 حديث 468 الطبعة 4) في حديث (إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة فليتحول من مجلسه ذاك إلى غيره ) : (( قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ! ووافقه الذهبي ! كذا قالا ! وابن إسحق مدلِّس ، وقد عنعنه في جميع الطرق عنه …)اهـ ، أقول (أي الشيخ السقاف) : كذا قال ‍‍ وانظر كيف يغلِّط الحافظ الترمذي وكذا الحافظ الذهبي ، علماً بأنه هو الغلطان الواهم ، وذلك لأن ابن إسحق لم يعنعنه في جميع الطرق بل قد صرَّح بالسماع في كتاب مطبوع بين يدي الألباني وأمام عينيه ، وذلك الكتاب هو مسند الأمام أحمد ، فلينظره فيه (2/135)[80] وليتدبر ذلك) .
3. الألباني يعزو الحديث إلى بعض كتب الحديث مع كون الحديث غير موجود فيها :
يفعل الألباني ذلك في مواضع كثيرة ، وخصوصاً في (صحيح الجامع وزيادته) و (ضعيف الجامع وزيادته) تابعاً في ذلك من نقل عنه فينقل حتى الأخطاء ، مثال ذلك :
يقول الألباني في كتاب (صفة الصلاة) الطبعة 6 ، ص (170) عن حديث وائل بن حُجْر الذي ذكر فيه وضع اليدين في التشهد فقال : (ثمَّ رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها)[81] ما نصه : (رواه أبو داود…)اهـ.
قلت : ليس كذلك ، والحديث لم يروه أبو داود ، وإنما رواه غيره .

4. قصور إطلاع الألباني في مواضع لا تحصى وأمثلة على ذلك :
الألباني يرمي العلماء بالقصور العلمي ويزدريهم على ذلك ، ويحاول التشبه بالحفاظ السابقين بقوله عن بعض الأحاديث : (لم أقف على سنده) ويرمي الكثير من الحفاظ بالغفلة مع أنه أهل ذلك وإليك الأمثلة:
· أََثَرُ سيدنا علي t : (إذا بلغ النساء الحقاق فالعصبة أولى ، ومن شهد فليشفع بخير) قال الألباني في (إرواء الغليل)(6/251 برقم 1847) في تخريجه : (لم أقف على إسناده)اهـ. ، أقول (أي الشيخ السقاف) : كذا قال ! ولو كان جهبذاً لعرف أنه في سنن البيهقي (7/121) ، وهناك إسناده مذكور بأكمله.
· قال الألباني في (إرواء الغليل) (3/283) (حديث ابن عمر (القبلات ربا) لم أقف على سنده)اهـ. قلت : كذا قال !! مع أنه مذكور بسنده في فتاوى الشيخ ابن تيمية المصرية (3/295) ورجاله رجال الصحيح .
· حديث ابن مسعود t : (أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع ) قال الألباني في تخريج (مشكاة المصابيح )لشرح السنَّة مانصه : (لينظر في أي مكان رواه في (شرح السنَّة) فإني راجعته في (العلم) وفي (فضائل القرآن) منه فلم أره)اهـ. ، قلت (أي الشيخ السقاف) : كذا قلت !! ولو كنت راجعتَه حقاً في (العلم) لوجدته في (باب الخصومة في القرآن) من (شرح السنَّة) (1/262) ، وقد رواه ابن حبان وأبو يعلى والطحاوي والبزار والهيتمي وعزاه للبزار وأبي يعلى والطبراني في (الأوسط) وقال : رجال أحدهما ثقات.

5. الألباني يحرف كلام العلماء أو يبتر منه ما ليس في صالحه[82]:
ولخطورة هذا الباب فإننا سنذكر هنا أكثر من مثال ، وقد ضرب الشيخ السقاف صفحاً عن كل نقولات الألباني لكلام العلماء الذي يفهمه على غير وجهه ويقتطع من سياقه وسباقه أو من وسطه وإليك الأمثلة:
· أراد الألباني أن يضعِّف حديثاً خالف رأيه ، فلم يدر كيف السبيل إلى ذلك ، فاحتال لذلك أن نقل جزءاً من ترجمة رجل في سنده من الثقات من (كامل) ابن عدي وحرَّفها ، والرجل هو (عائذ بن حبيب) فقال عنه في إروائه (2/243): (الثالث : لو كان صريحاً في الرفع فهو شاذ أو منكر ، لأنَّ (عائذ بن حبيب) وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن عدي : (روى أحاديث أنكرت عليه).. قلت : ولعل هذا منها…)اهـ.
أقول (أي الشيخ السقاف): كلا ، هذا ليس منها ، وابن عدي لم يقل ما ذكرته عنه ، بل إن نقلك عنه كان محرفاً ، فابن عدي قال في الكامل (5/1993) : (روى عن هشام بن عروة أحاديث أنكرت عليه وسائر أحاديثه مستقيمة)اهـ فأين هذا مما نقلت ، وخصوصاً أنّ هذا الحديث لم يروه حبيب عن هشام بن عروة ! فليتأمل المنصفون ، وليرجع المعاندون !! إن كانوا يتقون الله تعالى !!.
· نقل الألباني في كتابه (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) ص (34)[83] نصاً عن العلامة الفقيه ابن حجر الهيتمي وحذف من وسطه ما ليس في صالحه ، تحقيقاً للأمانة العلمية التي يتمتع بها ! وقد ابتدأ بنقل كلام ابن حجر ففتح قوسين ( (( ) وخَتَمَه كذلك بقوسين ( )) ) وبلفظة انتهى تأكيداً لتغرير القراء وتضليلهم عن تمام ذلك النقل ، وإنني أورد لكم تمام الكلام وأضع ما حذفه باللون الأسود الواضح بين قوسين ، فإليكم ذلك .
قال في (تحذير الساجد) ص (34) : (مذهب الشافعية أنه كبيرة : قال الفقيه ابن حجر الهيتمي في (الزواجر عن اقتراف الكبائر) (1/120): الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون اتخاذ القبور مساجد ، وإيقاد السُرُجِ عليها ، واتخاذها أوثاناً ، والطواف بها واستلامها والصلاة إليها.
ثم ساق – ابن حجر – بعض الأحاديث المتقدمة وغيرها ، ثم قال ص (111) : (( تنبيه : عَدُّ هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية ، وكأنه أخذ ذلك مما ذكرته من الأحاديث ، (ووجه اتخاذ القبور مسجداً منها واضح)[84] لأنه لعن من فَعَل ذلك بقبور أنبيائه ، وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله تعالى يوم القيامة ، ففيه تحذير لنا كما في رواية : (( يحذر ما صنعوا )) أي يحذِّر أمَّتَه بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك ، فليُلعنوا كما لُعنوا ، (واتخاذ القبر مسجداً معناه الصلاة عليه أو إليه ، وحينئذ فقوله ((والصلاة إليها)) مكرر إلا أن يراد باتخاذها مساجد الصلاة عليها فقط ، نعم إنما يتجه هذا الأخذ إن كان القبر قبر معظَّم من نبيّ أو وليّ كما أشارت إليه رواية : ((إذا كان فيهم الرجل الصالح))[85])
ومن ثمَّ قال أصحابنا : تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركاً وإعظاماً فاشترطوا شيئين …) الخ انتهى كلام ابن حجر [86].اهـ كلام الألباني.

· أراد الشيخ الألباني أن يضعف حديثاً فيه جواز تحلية النساء بالذهب المحلق وفي سند الحديث (محمد بن عمارة) فزعم أن أبا حاتم قال عنه : (ليس بذاك القوي) انظر كتاب (حياة الألباني وآثاره…) الجزء الأول ص (207) ، والحقيقة أن أبا حاتم الرازي قال كما في (الجرح والتعديل) (8/45) : (صالحُ الحديث ، ليس بذاك القوي) فحذف الألباني كما ترون لفظة (صالح الحديث)!!.

6. الألباني يحكم على حديث بأنه صحيح في موضع ويحكم عليه بأنه منكر جداً في موضع آخر:
أورد الألباني في (مختصر العلو)[87] ص (98) برقم (38) حديث قتادة بن النعمان سمع النبي r يقول : (لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه) فقال : (رواته ثقات ، رواه أبو بكر الخلال في كتاب السنَّة له )اهـ[88]
أقول (أي الشيخ السقاف): لا أدري كيف يصفك المفتونون بك بأنك (محدِّث الديار الشامية) و (حافظ العصر والوقت) و (أنك ما رأيت مثل نفسك) وأنه لو حلف بين الركن والمقام على ذلك لم يحنث [89] … ولو ساق الألباني سند الحديث الذي صححه هنا من كتاب (الخلال) لتبين له أنه موضوع منكر ولما صححه ، وهاك إسناده أخي القارئ لتتحقق نكارته ووهاءه :
قال الخلال : حدثنا أحمد بن الحسين الرقي حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا محمد بن فليح حدثني أبي عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين ، قال : بينما أنا جالس في المسجد إذ جاءني قتادة بن النعمان يحدِّث وثاب إليه الناس ، فقال سمعتُ رسول الله r يقول : (إن الله لما فرغ من خلقه استوى على عرشه واستلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وقال إنها لا تصلح لبشر). اهـ.
أقول (أي الشيخ السقاف) ولا يشك عاقل أن هذا كذب على الله ورسوله r ، تعالى الله عن ذلك.
وانظر الحديث في (الأسماء والصفات) للإمام الحافظ البيهقي ص (355-356) والتعليق عليه ، وقد حكم عليه الحافظ البيهقي بالنكارة ، وعدَّه الحافظ الذهبي في (ميزان الاعتدال)(3/365) من منكرات فليح ، وفليح ضعَّف الألباني حديثه في مواضع لا تحصى من كتبه[90] فكيف يقول عن حديثه في (مختصر العلو) هنا رجاله ثقات ، وصحيح على شرط البخاري؟!!
ويدل تصحيحه للحديث هنا في (مختصر العلو) على شدَّة غفلته وتناقضه لأنه قد حكم على الحديث بأنه منكر جداً في موضع آخر من كتبه وذلك في (سلسلته الضعيفة) (2/177 حديث 775) ونحن نتركه في الموضع الثاني – الضعيفة – يرد على الموضع الأول !
ولا نشك أن هذا الحديث له علاقة وثيقة بعقيدة اليهود الوثنية التي ردَّ الله تعالى عليها في كتابه العزيز حيث قال : {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ، فاصبر على ما يقولون}
وهذا دليل على تساهل الألباني في تخريج الحديث في الكتب المختصة بالعقيدة ، وهذا من غلطه فإن الكتب المختصة بالعقيدة يجب أن تكون فيها الأحاديث الصحيحة الخالية عن المعارض ، أما الضعيفة والمنكرة والمعارضة بالقطعي فمما ينبغي أن تصان عنه .
وقد أورد الشيخ السقاف في الجزء الأول فقط من كتابه عددَ : مائتين وخمسين (250)حديثاً ضعفها الألباني في موضع وصححها أو حسَّنها في موضع آخر ، فلله الأمر من قبل ومن بعد وكيف يغتر الناس بمثل هذا المتناقض[91] .
7. الألباني متناقض في ثنائه على أشخاص في موضع وثلبهم والنيل منهم في موضع آخر:
ومثال ذلك : قوله في مقدمة (صحيح الترغيب والترهيب) ص (36) مثنياً على الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي: ((واعلم أنَّ ما شجعني على نشرهما أنني رأيت الكتاب المطبوع تخت عنوان ……وعلَّق عليه العالم الشهير الجليل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي …))اهـ.
وقال أيضاً في نفس الصحيفة : ((ومما زادني رغبة في الإقبال عليه ، أنَّ محققه الفاضل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي قد صرَّح…))اهـ.
وهذا الكلام من الألباني الذي فيه الثناء الكبير على الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي ناقضه في مقدمة آداب زفافه (الطبعة الجديدة) ص (8) حيث قال: (( واستعان الأنصاري بآخر رسالته بأحد أعداء السنَّة وأهل الحديث ودعاة التوحيد المشهورين بذلك ألا وهو الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ... لجبنه وفقدانه الشجاعة العلمية والأدبية… )) اهـ باختصار . فتأملوا
8. الألباني ضعيف في اللغة العربية مثله مثل أي حشوي آخر من أدعياء السلفية:
ولا بدّ هنا أن نذكر أكثر من مثال :
· قال في (صحيحته) (4/88) : ((وجوب الأخذ بيد الظالم))اهـ
وهذا لحن وخطأ ، والصواب أن يقول : (وجوب الأخذ على يد الظالم) لأنَّ الأخذ بيد الظالم لغةً هو مساعدته في ظلمه ، وقد اغتر الشيخ! بورود هذه الكلمة في بعض طرق الحديث الذي غلط فيه أحد رواته!
· قال في (صحيحته) (2/254) في حديث : ( ثلاثة لا يقبل منهم صلاة : ورجل صلى على جنازة ولم تويز) وعلَّق في الحاشية على لفظة (تويز) فقال : (كذا الأصل المصوَّر ، ولم يتبين ليَ الصواب )اهـ .
قلت (أي الشيخ السقاف) : (تويز) لا معنى لها في اللغة العربية ولا دخل لها في هذا الحديث ، والصواب والأصل هو (يؤمر) فتكون الجملة : (ورجل صلى على جنازة ولم يؤمر ) فلم يستطع قراءتها مع أنها مرَّت عليه في الترغيب والترهيب (ص 195 رقم الحديث 484 صحيح الترغيب!) ، ولكنه كثير الغفلة !!

9. أمثلة من أوهام الشيخ الألباني وأخطائه الكبيرة في فن الحديث :
· قال في (صحيحته) (1/812 في آخر سطر ) عن حديث هناك : (قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم) اهـ
أقول (أي الشيخ السقاف) كذا قال ! وفي السند سهل بن عثمان البجلي وليس هو من رجال مسلم بل لم نعثر له على ترجمة ! فكيف يقول : إسناد صحيح ؟!)
أقول (القحطاني) : وهذا دليل على تخليطه أيضاً فما من شكٍّ أنه قد خلط هنا بين البجلي هذا وسهل بن عثمان الكندي الذي هو من رجال مسلم فتأمل !
· قال في صحيحته (1/175 السطر الخامس من أسفل) : (فإن ابن زيد هو محمد بن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب وهو ثقة ..) اهـ
قلت (الشيخ السقاف) : كذا قال ! وليس كذلك ، فإن ابن زيد هذا هو عبدالرحمن بن زيد وهو ضعيف جداً !
· قال في صحيحته (3/399) في السطر الأول : (وابن عرزب مجهول) اهـ
قلت (الشيخ السقاف) : كلا ، بل هو ثقة كما قال الحافظ في التقريب برقم (2917) فتأمل.
· قال في صحيحته (3/191): - عن حديث هناك - : ( ورجاله ثقات رجال الستَّة غير عباد بن سالم فلم أجد له ترجمة )اهـ.
أقول (الشيخ السقاف) : كذا قال ! وعباد مترجم له في تاريخ البخاري (6/38) والجرح والتعديل (6/80) وثقات ابن حبان (7/159) فليستيقظ!
· قال الألباني في صحيحته (2/99-100) في حديث (نعم سحور المؤمن التمر) أخرجه ابن حبان والبيهقي .. ثم قال ص (100) : (تنبيه : عزى الحديث المنذري في الترغيب 2/94 وتبعه عليه الخطيب التبريزي في المشكاة (1998) إلى أبي داود ، وذلك وهم لا أدري من أين جاءهما!) اهـ
قلت (الشيخ السقاف) : كذا قال ! وهذا وهم وقع فيه لا أدري كيف نطق به ، وذلك لأن الحديث ثابت في سنن أبي داود برقم (2345) فإلى الله المشتكى ممن يتعالم على الحفاظ!!

10. الألباني جاهل بعلم الجرح والتعديل :
يقول العلامة المحدِّث محمود سعيد ممدوح في مقدمة كتابه (النقد الصحيح لما اعترض عليه من حديث المصابيح):
· عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي :
قال الألباني (1/214) وعمرو هذا في عداد المجهولين وإن صحح له الترمذي .اهـ.
قلت (الشيخ محمود) : هذا تطاول غير مقبول على أحد أئمة الحديث الذي قال له البخاري : استفدنا منك أكثر مما استفدت منا .
أقول (القحطاني): وممن وثقه وصحح حديثه الإمام الترمذي وابن حبان وابن خزيمة والذهبي فانظر بالله عليك وتأمل في الألباني الذي يجهل العمالقة ويتعالم !!
· عبيدالله بن أبي بردة :
(قال الألباني (1/87) : لم يوثقه أحد حتى ولا ابن حبان ، فلا تغتر بقول المنذري : ورجاله ثقات .اهـ.)
قلت (أي الشيخ محمود): قال الحافظ في التهذيب (7/94) : أخرجه الضياء في المختارة ، ومقتضاه أن يكون عبيدالله عنده ثقة .اهـ. فالرجل ثقة ، والحافظ المنذري أصاب في قوله : (رجاله ثقات) ، والله أعلم.
· جُرَيّ بن كُليب النَّهدي الكوفي :
قال الألباني (1/97): لم يرو عنه غير أبي إسحق السبيعي . اهـ.
قلت (الشيخ محمود): بل روى عنه غيره ؛ قال الحافظ في التهذيب (2/78) : روى عنه أيضاً يونس بن أبي إسحاق ، وعاصم بن أبي النَّجُود وحديثهما عنه في مسند أحمد . اهـ. والذي أوقع الألباني فيما تراه هو اعتماده على كتاب واحد هو الميزان فانظره (1/397).
وفي معرض ردِّ العلامة المحدِّث سعيد بن مبروك القنوبي في كتابه النَّيِّر (الإمام الربيع مكانته ومسنده ص 28–105) على قول من قال بأن الشيخ الألباني يجهل الإمام الربيع فيكون بذلك الإمام الربيع نكرة ، فما كان من الشيخ سعيد إلا أن ذكر – وعلى عجالة - خمسين مثالاً تدل على جهل الألباني بفن الحديث (...جهلاً يكاد يكون مركَّباً في بعض الأحيان ، ولا أدل على ذلك من جهله بكثير من الرواة منهم مَن هو من رجال الشيخين ، وعدم معرفته بوجود كثير من الأحاديث ؛ كثير منها أحاديث الصحيحين اللذين اختصرهما بنفسه بحسب زعمه ، وكثير منها من كتب أخرى مشهورة متداولة...) وإليك بعض الأمثلة مما ذكر :
· قال في ضعيفته (4/200) : ( وسليمان بن شرحبيل …ولم أجد في هذه الطبقة من اسمه سليمان بن شرحبيل أو شراحيل ) كذا قال ، وسليمان هذا اسمه بالكامل : سليمان بن عبدالرحمن بن عيسى بن ميمون ابن بنت شرحبيل ، ويختصرونه أحياناً إلى ما رأيت ، وهو مترجم في : (رجال البخاري للكلاباذي 1/314) و (التاريخ الكبير 4/24) و(الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4/29) و ( علل الحديث ... وقد ذكر الشيخ القنوبي بعد ذلك عشرين مرجعاً في علم الحديث غير التي ذكرنا ترجمت لهذا الرجل )
وهو من رجال البخاري الأربعة !

· عبدالأعلى بن عبدالله بن أبي فروة

قال في ضعيفته 1/213 : (وهو مجهول لم أجد له ترجمة) كذا قال ، وليس الأمر كما قال ؛ وذلك لأن عبدالأعلى هذا مترجم له في كتب كثيرة جداً منها : (التاريخ الكبير للبخاري 6/71) و (تاريخ ابن معين) و (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/27) …. ثم ذكر الشيخ القنوبي عشرة مراجع ترجمت له وقد قال الحافظ في (تقريب التقريب ص331) فيه : ثقة فقيه ، وقد وثقه ابن معين ويعقوب بن أبي سفيان والدارقطني
· سعيد بن أشوع
قال في إرواء الغليل 3/121 (لم أجد له ترجمة ) مع أنه ترجم له في الكثير من الكتب منها : (رجال البخاري) و (رجال مسلم) و (التاريخ الكبير) و (تاريخ ابن معين) وقد ذكر ستة عشر مرجعاً آخر له فيها ترجمة .

· امرأة ابن عمر
قال في صحيحته التالفة (4/269) : (ورجال إسناده ثقات كلهم غير امرأة ابن عمر فلم أعرفها) اهـ.
وامرأة ابن عمر هذه معروفة مشهورة ، واسمها صفية بنت أبي عبيد الثقفية روى لها الإمام مسلم والإمام البخاري[92] في التعاليق ، وهاك بعض الكتب التي ترجمت لها (وذكر الشيخ هنا ثلاثة عشر كتاباً لها فيها ترجمة!)

هذا هو الألباني محدِّث أدعياء السلفية[93] ، وما نقلناه هو غيض من فيض ولو حاولنا نقل مقتطفات مما رصده غير هؤلاء العلماء كالمحدث الشيخ عبدالله الهرري وغيره لما وسعنا المجال وفي هذا كفاية للمحتاط لدينه ليحذر من تصحيح وتضعيف الألباني للأحاديث النبوية الشريفة.
الشيخ عبدالله فيلبي!
الشيخ عبدالله فيلبي
لقد ذكرنا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عاد من البصرة وحوله كوكبة من النصارى المستشرقين الإنكليز ، في صورة رقيق اشتراهم الشيخ خلال رحلته ، ولم يكن هؤلاء بطبيعة الحال إلا الجماعة المشرفة على المخطط المعد في وزارة المستعمرات البريطانية لإنشاء إسلام جديد بعد تجربتهم المريرة مع المسلمين في شبه القارة الهندية الذين رفعوا راية الجهاد ضدَّ المستعمر الإنجليزي ، فرأى الإنجليز لزاماً عليهم – وهم أهل المكر والدهاء - إن أرادوا البقاء في العالم الإسلامي أن يصمموا إسلاماً جديداً يفرضونه على المسلمين فرضا ، راية الجهاد فيه خافقة ولكن ليس ضد النصارى بل في رقاب المسلمين! ، فيكون بأس المسلمين بينهم شديد ، فتم داخل وزارة المستعمرات البريطانية تصميم حركة جديدة صورتها صورة الإسلام ، وليكن تطبيقها بالقرب من أقدس أماكن المسلمين ؛ ولكن ما يميز هذه الحركة أن الجهاد هذه المرة مسلَّطٌ على رقاب المسلمين حيث أصبحوا مشركين عبدة قبور وأصنام في الشريعة الوهابية ، لا على رقاب دول الاستعمار ، كما كان حال المسلمين في العالم عموماً ، فاستحمَّ القتل في أهل شبه الجزيرة العربية ، ووصل إلى العراق وبعض بقاع بلاد الشام ، والوقوف أمام أي تحرك لجمع كلمة المسلمين.
لقد اهتم النصارى الإنجليز اهتماماً كبيراً برعاية الحركة الوهابية الناشئة ، كيف لا وفيها بارقة الأمل لا على القضاء على ذروة سنام الإسلام فحسب بل إلى شغل المسلمين بأنفسهم ، فأخذوا يرعونها بواسطة عملائهم ، منذ المستر هامفرد مروراً بشكسبير الذي قتل في معركة الجراب بين الوهابية وآل رشيد ثمَّ جون فيلبي ، وفي مقالنا هذا سنتعرض لهذه الشخصية بشيء من التعريف نتيجة لدورها في القيادة المباشرة للوهابية عسكرياً وسياسياً ردحاً طويلا من الدهر.

من هو فيلبي؟:
هو الكولونيل هاري جون سانت فيلبي ولد في 3 أبريل 1885 في جزيرة سيلان (سريلانكا)[94] ، وانتقل مع أبيه إلى بربطانيا سنة 1891 وأكمل دراسته في جامعة كامبردج سنة 1907 ، ثم درس التاريخ والقانون الهندي ، وتعلم اللغات الفرنسية والألمانية والهندستانية والفارسية والعربية ، وعاد إلى الشرق ضمن أفواج المخابرات البريطانية ، أمثال كتشنر ولورنس ومكماهون ، وكوكس ومس بل وكلايتون ، وغلوب وولسون وغيرهم.
أرسل فيلبي إلى الهند عام 1908ليعمل في المخابرات الإنجليزية هناك ، وترقى عام 1914 ليصبح نائب حاكم (لايلابور) ثم انتقل ليرأس دائرة الصحافة في البنجاب ، ولكن بعد انفجار الحرب العالمية الأولى بدأت بريطانيا تعد العدة لانتزاع ما يمكن انتزاعه من ممتلكات الدولة العثمانية وفي مقدمتها العراق ، فشقت البحرية البريطانية طريقها إلى البصرة في نوفمبر 1914 يترأسها السير برسي كوكس ومن أبرز معاونيه المستر فيلبي الذي عيِّن ضمن الجهاز الإداري الذي يرأسه كوكس.
بعد عام واحد عيِّن فيلبي مساعداً مالياً في البصرة وأنيط به تحرير صحيفة (الأوقات البصْرية) التي تصدرها دائرة المندوب السياسي البريطاني. وقد كان لجولاته في جنوب العراق لجمع المعلومات ولقائه بديكسون في سوق الشيوخ أثر بالغ عليه للولع بالعمل في الصحراء.
بعد احتلال بغداد في 17 مايو 1916 عين فيلبي مساعداً ثانياً للحاكم هناك واشترك مع القسيس ماري الكرملي في إصدار صحيفة (العرب) فكان رئيس تحريرها.

دخول الجزيرة العربية:
بعد مقتل الكابتن شكسبير في معركة الجراب سنة 1915، في مواجهة آل رشيد الذين رأت فيهم بريطانيا ولاءً للسلطة العثمانية ، والذين استطاع الوهابية مشاغلتهم فلم ينجدوا السلطة العثمانية ساعة احتلال القوات البريطانية للبصرة ، توجه زعيم الوهابية في حينه إلى البصرة[95] ليسلحه الإنجليز بقائد آخر جديد يدبِّر له أموره ، ولم يكن هذا القائد إلا المستر فيلبي ، فوصل في بعثة متكاملة لدراسة الوضع الجديد ومعه المال والسلاح للوهابية إلى ميناء العقير بالأحساء بتاريخ 17 أكتوبر 1917 مرتدياً الملابس العربية واتجه إلى الرياض ليستقبله هاملتون الوكيل السياسي البريطاني بالكويت[96] ، ولكنه لم يلبث طويلاً حيث كانت مهمته اختراق ما اقترح لتكوينه كمملكة متكاملة من الجنوب إلى الشمال فعاد إلى بغداد عن طريق الصحراء إلى الحجاز فمصر ومن هناك بالبحر إلى البصرة مخططاً المنطقة المطلة على البحر الأحمر.
بعد أن سلَّم فيلبي مخططه لكوكس في بغداد ما لبث أن عاد إلى نجد يحمل معه المال والسلاح الإضافي والتقى بزعيم الوهابية في صحراء الدهناء .
كانت مهمة فيلبي تتمثل في ثلاثة محاور هي:
المحور الأول: المساهمة في جمع المعلومات للمخابرات البريطانية عن الجزيرة العربية.
المحور الثاني: تربية جيل يستطيع حمل المهمة من بعده يلبس لبوس أهل البلاد.
المحور الثالث: القضاء على نفوذ الدولة العثمانية المتمثل في:
(أ) آل رشيد في الشمال الشرقي.
(ب) الأسرة الهاشمية في الحجاز.
أما بالنسبة للمحورين الأول والثاني فقد قام بهما فيلبي خير قيام الواقع خير متحدث بهما[97] ، وقد أشرف على تربية أكثر من بديل للزعامة الوهابية ، أما بالنسبة للمحور الثالث فبعد وصوله وجد أن القوات الوهابية قد انسحبت إلى بريدة ، وانسحب آل رشيد إلى القصيم ، فكانت الأوامر البريطانية بضرورة سرعة إعادة تحريك القوات الوهابية لاستئناف التحرشات بابن رشيد ، وقد تم الاتفاق مع الوهابية على المباشرة بمهمتهم فور وصول الإمدادات اللازمة ، وقد تعهدت بريطانيا بتقديم الأموال والأسلحة والمشورة العسكرية.[98]
وقد بدأت كميات الأسلحة تصل تباعاً ، وكانت دفعة منها تبلغ خمسة آلاف بندقية ومائة صندوق ذخيرة.
ونشبت أولى المعارك ضد آل رشيد بقيادة جون فيلبي الذي لم يجرؤ على المشاركة الفعلية خوفاً من مصير شبيه بمصير النقيب شكسبير ، بل اكتفى بمراقبتها من شرفة عالية في برج قريب[99].
وخلال هذه الفترة عمد إلى تكتيك جديد وهو استخدام المال وتقديم المغريات كوسيلة لتحريك الحساسيات والعصبيات ، فساعدهم بعض آل رشيد على الاستيلاء على بعض قرى منطقة حائل عاصمة آل رشيد.
وكان هذا من مسهلات معركة (الروضة) حيث احتلت قريتا (بيضاء نثيل) و (الشعبية) وقتل الوهابية المصلين عند الصباح بالمساجد في شهر رمضان على أساس أنهم من المشركين ، كما هتكت الأعراض ونهبت الأموال.
ثمَّ استطاعوا بمعاونة بعض العملاء من الاستيلاء على جبل شمَّر (جبل طيء سابقاً : أجأ وسلمى) وأخذوا يمارسون الإرهاب ضدَّ أهله ، ولا سيما في قرية (عقدة) ، وبعض القرى المجاورة ، حيث قتلوا عدداً من الفلاحين الآمنين[100] ، وهكذا انفتح الطريق أمام الوهابيين إلى حائل وكان للخيانة - كما خطط لها فيلبي - دور كبير في سقوطها ، بعد أن حشد لها الوهابية جيشاً كبيراً ، فسقطت في أيديهم في 29 صفر 1340 / 2 نوفمبر 1922[101].
أما بالنسبة للأشراف في الحجاز : فبعد أن رفض الشريف حسين قبول الاتفاقات التي نعرفها اليوم بين الإنجليز والفرنسيين والصهاينة بخصوص ما أسموه بمنطقة الشرق الأوسط من اتفاقية سايكس بيكو (1916) إلى وعد بلفور (1917) ، على الرغم من محاولات الرشوة والتهديد من البريطانيين ، يقول الدكتور صلاح العقاد ( والحق أن معارضته (الشريف) الوطن القومي اليهودي في فلسطين ، وما ترتب على ذلك من رفض معاهدة فرساي كان أقوى الأسباب التي باعدت بين الشريف حسين والحكومة البريطانية)[102]
ورداً على الشريف هيأ الإنجليز للوهابية الهجوم على الحجاز ، ولم يكتفوا بالمشورة والإمدادات العسكرية هذه المرة ، فهم قد استطاعوا إمدادهم بالتغطية الشرعية عن طريق استصدار الفتاوى لا من أتباع محمد بن عبد الوهاب فقط بل حتى من بعض مستعمرات التاج البريطاني ، وكذلك بتخريب مقومات القوة العسكرية الشريفية ، ولا سيما الطائرات الحربية التي كانت بحوزتها ، والتي استطاع العملاء البريطانيون السريون تعطيلها.
وقد كان فيلبي هو الذي استطاع خداع الشريف فطرح وساطته بينه وبين الوهابية عند زحفهم على الحجاز ، فاستطاع أن يطَّلع على أوضاع الجيش الشريفي ليضع للوهابية الخطط الكفيلة بالقضاء عليه. فبعد أن زار جدة أكد فيلبي لقائد الوهابية أنها ( من الناحية العسكرية عاجزة عن الصمود كما أكد له أن غالبية أهلها يريدون نهاية سريعة ) .
يقول فيلبي ( بعد أن يئسنا من الحسين حركنا جنود الإخوان[103]بقيادة خالد بن لؤي وفيصل الدويش وسلطان بن بجاد لسفك دماء غزيرة في الطائف لتوقع الرعب في قلوب الحجازيين : البادية والحاضرة ، ونوفر بها على بقية المدن الحجازية دماء أخرى إن أمكن الأمر ، وإلا فإن دماء غزيرة لابد من إراقتها لأن الإنجليز قرروا إسقاط حكم الشريف حسين بأي ثمن بعد أن رفض الأمر والطلبات بإعطاء فلسطين لليهود المشردين المساكين ، وبعد أن رفض الحسين ما عرضناه عليه بأن يكتفي بالحجاز وحده ، وأن يغير وجهة نظره في توحيد البلاد العربية كلها تحت حكمه)[104]
ومنذ بداية 1926 أصبح فيلبي المستشار الخاص لزعماء الوهابية فبقي ملازما لهم ردحاً طويلا من الدهر ، وقد أسهم إسهاماً كبيراً في تعميق الروابط بين الوهابية والصهاينة ، حيث قدم حاييم وايزمان الزعيم اليهودي رشوته لقادة الوهابية عن طريق فيليبي ؛ ليعينوهم على إقامة دولة صهيونية في فلسطين[105] ، بل إن فيلبي هذا هو الذي رتَّب اللقاء بين زعيم الوهابية وسمحا إيرلخ مندوب ديفيد بن غوريون سنة 1945 الذي مُنح يومها من الوهابية مبلغ عشرة آلاف جنيه إسترليني كمساعدة للصهيونية العالمية.[106]
النهاية:
بعد طرد الجنود الوهابية من البريمي ، وتوتر العلاقات الوهابية البريطانية[107] مع بداية عصر التدخل الأمريكي ، وفي مايو 1955 أذاع راديو جدّة قرار الملك سعود إخراج فيلبي من السعودية (مع منحه جميع أملاكه وأمواله ، لأنه أخذ يتجه اتجاهات غير ملائمة)[108] ، فخرج الرجل الذي كوَّن وحكم من وراء الستار أكبر مملكة في شبه الجزيرة بعد أكثر من ثلث قرن متجهاً إلى بيروت ، ومن هناك بدأ يهدد بنشر الوثائق السرية لبيع الوهابية لفلسطين ، وله كتب مطبوعة تخص المنطقة منها (أيام عربية) و (أربعون عاماً في جزيرة العرب) و(تاريخ نجد وتاريخ الشيخ محمد بن عبدالوهاب)[109].
بقي أن نذكر أن الشيخ فيلبي هو والد هارولد كيم فيلبي الذي كان دبلوماسياً بريطانياً رفيع المستوى ، ومن كبار ضباط الاستخبارات البريطانية ، ولكنه في نفس الوقت كان عميلاً مزدوجاً للمخابرات الروسية (كي . جي.بي) ، ثمَّ هرب إلى روسيا عام 1936م بعد افتضاح أمره ، وقد ذكر قصته (بيتر رايت) في كتابه الشهير (صائد الجواسيس) ، وهكذا كان الأب جون فيلبي متهماً بازدواجية العمالة للمخابرات الأمريكية (سي.آي.إيه.) ، مع عمله في المخابرات البريطانية.
هذا بإيجاز أما الكثير من أفعاله وأقواله فستجد خبرها في مقالاتنا المختلفة بهذا الكتاب.[110]تـــــــاريخ الوهابية (دراسة جغرافية)الجغرافية الوهابية






التماحك حول حديث (هنالك الزلازل والفتن..)
الرد على الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
تحذير منطقة آثار ! (مثال لما يفعله الوهابية بالمدينة المنورة)
إحراق المكتبة العربية بمكة المكرمة

التماحك حول حديث (هنالك الزلازل والفتن)

يحاول الوهابية الدفاع عن كعبة أنظارهم نجد ؛ البلاد المعروفة في جزيرة العرب ، فيدَّعون بأنها ليست المقصودة بالحديث الذي عند البخاري وأحمد والترمذي وغيرهم (قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ)[1] ، وهو دفاع لو أمعنت النظر فيه لما رأيت إلا تكلفاً كبيراً ومشقة بالغة ، وهذا الأسلوب الأعوج مما يوقع الوهابيون أنفسهم فيه في أكثر من موضع وإليك البيان :

1. لفظة نجد إذا أطلقت هكذا في جزيرة العرب لا يجوز أن تحمل عقلاً على غيرها ، فإذا قلت نجد أشرت إلى ما يقابل الحجاز ، أرأيت أن لو قلت لابنك وأنت في بيتك (نادِ أمَّك من الغرفة) أيجوز له عقلاً أن يناديها من بيت الجيران بحجة أن في بيت الجيران غرفة أيضا!.

2. الحديث صريح لا غبار ولا غشاوة عليه في أن المقصود هو نجد أهل الجزيرة لا غيرها حيث قال السائل (((نجدنا))) لا نجد المجوس ، لأن العراق كانت ما تزال في ذلك الوقت ؛ عصر الرسول الكريم r تحت حكم الفرس ، ولم يدخلها الإسلام إلا في عهد عمر t ، فأين المفر من هذا اللفظ الصريح ولماذا المماحكة ؟!

3. ويشيرون إلى أنَّ العراق أولى بهذا اللفظ لأن الجمل وصفين وقتال الخوارج كان بها ، ولو أنعمت وأمعنت النظر لعلمت أنْ لا علي ولا عائشة ولا الزبير ولا معاوية ولا عمرو بن العاص هم من أهل العراق ، وهم قادة الوقعات وأطراف النـزاع في المواقع التي ذكرت فأهل الخلاف هم أهل الجزيرة لا أهل العراق فلا يمكن بحال أن نحملهم مشاكلنا لأننا تقاتلنا على أرضهم! أما الخوارج فناهيك بالقائد الخارجي الكبير نجدة ابن عامر الحنفي وهو من أهل اليمامة فما جريرة أهل العراق أن يتحملوا جرمه وتسلم اليمامة (الرياض اليوم) من شره ومن معه ، ولو نظرت في كتب التاريخ لرأيت أكثر الخوارج هم من قبائل (نجدنا).

4. ويحتجون بأن العراق وقع بها مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ولعن الله قاتله ، وهذا استدلال من وهت حجته ، فمنذ متى كان للوهابية تعلق بالحسين وجد الحسين الذي ينهون عن زيارة قبره؟! أقول أولاً مقتل الحسين لم يقع بأرض تسمى نجداً حتى يكون للوهابية في ذلك مخلص ، ولكن الآمر بقتله هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الذي فجر بالمدينة وأهلها من أصحاب رسول الله r ، والذي يتولاه الوهابية اليوم فيقولون على الساحة الإسلامية وغيرها (لنا يزيد ولكم حرقوص[2]) !، ويدَّعون مع ذلك أنهم أتباع أحمد بن حنبل وابن تيمية بينما لو كانوا يقرؤون كتبهم قراءة غير مجزوءة لعلموا أن هؤلاء قد وصموه بما هو فيه من فجور وزيغ فقد قال صالح بن أحمد بن حنبل لأبيه : (إن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد. فقال : يا بني ، وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ فقال صالح : يا أبت فلماذا لا تلعنه ؟ قال : يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً)[3] بل إن رواية ابن تيمية هذه قاصرة حيث صرَّح أحمد بلعن يزيد في قوله : ولم لا يُلعن من لعنه الله تعالى في كتابه؟! فقيل له : وأين لعن الله يزيد في كتابه ؟ فقرأ أحمد قوله تعالى : { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطِّعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم} ثم قال : فهل يكون فساد أعظم من القتل ؟)[4]، وحتى ابن تيمية نصير الأمويين الكبير لم يجد محيصاً عن أن يقول واصفاً يزيد ( ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح) وقال واصفاً فعل عسكره بالمدينة (..ثم صار عسكره في المدينة يقتلون وينهبون ، وهذا من العدوان والظلم الذي فعل بأمره) ، فوالله إن الأولى للوهابية بدلاً عن هذه المماحكة أن يدرسوا التاريخ ليمتنع خطباؤهم عن إيذاء الآذان بترضيهم على يزيد الخمر كما صرح بشربه لها العلماء الذين يتمسح بهم الوهابية[5] ، في الوقت الذي يلعنون فيه الصحابة والصالحين من أهل النهروان ، ولكنه الشقاء والعياذ بالله !

5. ومن ناحية أخرى فإن أرض العراق التي يعنيها الوهابية سهل لا نجد وهي من مستوى سطح البحر إلى 200 متر علواً أما نجدنا فترتفع إلى ألف متر فوق سطح البحر !

6. ويزعمون بأن نجد الجزيرة ليست شرق المدينة وهو كلام من ليس له معرفة بالجغرافيا أو من لم يكلف نفسه مطالعة الخارطة ، وأدلهم على الخطوة الأولى بأن يوجهوا الخارطة إلى الشمال ثم ما كان عن أيمانهم فهو شرق ، وسيرون بجلاء أن نجداً هي تماماً ما كان شرق المدينة المنورة وفيها رمال الدهناء العالية! ، وغربها ليس إلا بحر يسمى الأحمر وجنوبها بلاد تسمى مكَّة وشمالها تبوك.

7. ويتهجمون على اليمن لأن الأسود العنسي خرج منها والذي قتلوه خلال أربعة أشهر ، وقياسهم هذا عجيب ، فاليمن قد وردت أحاديث كثيرة في فضلها لا كنجد التي لم يرد فيها إلا التنفير وانتظار الفتن ، ومنها الحديث الذي رواه البخاري وغيره ( عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ r بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ الْإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا أَلَا إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ (وهم الرعاة أصحاب الإبل !!!) عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ) وقوله وهو عند البخاري وغيره (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ r أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ) فأمرها كما ترى لا يقارن مطلقاً بنجد ، التي كانت بدايتها مع ذي الخويصرة ، ولم تنته فتنها بمسيلمة ولا بسجاح! ولا بنجدة بن عامر ، حتى طالعنا ابن عبدالوهاب يسمي رسول الله r بكل قلة أدب بأنه (طارش !) ويستحل هو وأهلها إلى اليوم دماء الموحدين لأنهم أهل شرك في زعمهم ، وما يقولونه اليوم في السادة الأشاعرة والإباضية والزيدية والجعفرية وغيرهم من أهل الإسلام خير دليل على أنهم خوارج العصر.

8. لو طالعت كتب أهل نجد ممن درسوا الحديث الشريف لرأيت أنهم لا يتكلفون ما تكلفه الألباني أو غيره من الدفاع عنها بل يصرح الشيخ سليمان بن عبدالوهاب النجدي شقيق زعيم الوهابية بأن نجداً هي بلاد الزلازل والفتن وينهى أخاه على هذا الأساس من أن يدعو الناس لترك مكة والمدينة والهجرة إليه في نجد ليحلق رؤوسهم[6] ، ولكن لا بد لنبوءة المصطفى من أن تتحقق في خوارج العصر ففي رواية البخاري وغيره ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ قَالَ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ أَوْ قَالَ التَّسْبِيدُ ) ، هذا من ناحية أما من ناجية أخرى فالألباني مخلِّط كبير يكفي أن ما يقارب الألف حديث قد جمعها المهتمون اليوم قد صححها الألباني في موضع وضعَّفها في آخر ، وكفى بأنصاره السابقين شهوداً عليه فالبأس شديد بينه اليوم وبين زهير الشاويش ومحمد مهدي الإسلامبولي وحوارهم بلغ من الإسفاف والشتائم مبلغاً يربأ المسلم بنفسه عن مطالعته.

9. وختاماً ولتزداد معرفة بنجد فإن بها تسعة أعشار الشر كما صرَّح بذلك الصادق المصدوق r حين قال في الحديث الذي رواه أحمد ورجاله ثقات (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا ويَمَنِنَا مَرَّتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ وَفِي مَشْرِقِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مِنْ هُنَالِكَ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ وَلَهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ ).

هذا ولو تأمل منصف في جوابي لاقتنع بأن كل نقطة منه كافية بمفردها لتبيان الحق ، ولكنني أحببت أن أسرد الحقيقة فعسى الله أن يلهم من يطالعه الرشاد والأوبة إلى الحق. ودفاع الوهابية – إن كان ولا بد – يجب أن يكون مبنياً على سنة الله الكونية من أن الشرَّ قد يقع فيه خير ، فلا مانع أن يخرج من نجد فلتات من أهل الخير والورع والصلاح ، ولكنها ليست القاعدة.


الرد على الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
هذا الموضوع نشرته رداً على أحد مناظري من الوهابية فرد على جوابي السابق بقوله : (أرد عليك بما رد به الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ، رحمه الله ، على العراقي داود بن جرجيس البغدادي .. ثم أتى بنقل عن الشيخ المذكور وفي النهاية كتب لي دعوة لدخول المذهب السلفي مع توقيع ابن عمك فلان ) فقلت له:

قرأت ردَّك المنقول عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن على العراقي ابن جرجيس ، فتحسَّرت أن لا تفنِّد أقوالي قولاً قولاً فتبين حقها من باطلها ، فالأسلوب العلمي الإسلامي يحتِّم عليك ذلك في الرد ؛ فتحلل المقال بنقد بناء ؛ فتتبع الحق بغضِّ النظر عمَّن جاءك به ، وترد الباطل ببيانه منصوصاً عليه فتفنده بالحجة الواضحة والبرهان المبين ، لا أن تلجأ إلى نشر ردٍ هو أوهى من بيت العنكبوت على رجل من أهل الكتاب ، فالمسلم الذي سلَّحه الله بأقوى الحجج ؛ أعني كتابه وسنّة نبيه ، يجب أن يكون ظاهر الحجة واضح السبيل ناصع البرهان ، فكيف به إذا كان في مواجهة النصارى واليهود ! ويا للأسف فقد خان التوفيقُ شيخك الذي استنصرت به ، فتخلَّفت به الحجة عن لحاق المقصود ، وذلك لأمور عديدة سأبين أهمها مضطراً ؛ وإلا فإنَّ الجدال العقيم ليس من مذهبي:

1. هروبه من الأحاديث الصحيحة إلى أحاديث ضعيفة لينصر بها رأيه ، وهذا وأيم الحق ليس بسبيل قويم ، خصوصاً إن بلغ الحال إلى لمز المسلمين وغمزهم برميهم تارة بالشرك وتارة بسبِّ أوطانهم كما فعل مع مصر بلاد الأزهر الشريف وقامعة الصليبيين[7] ، والعراق مهبط أفئدة كثير من أصحاب رسول الله r ومنتدى أهل الحديث ومنبت الفكر الإسلامي الثري ، لا لشيء إلا لتسلم نجد الأعراب التي صحَّ الحديث في أن بها تسعة أعشار الشَّر (الحديث رواه أحمد ورجاله ثقات).

2. قبل أن أذهب بعيداً في الرد ، أقول بأن الوهابية يجعلون الإشكال على أنفسهم أعظم عندما يسبُّون العراق لأمرين هما :
أ. أنهم يلزون أنفسهم بالإمام أحمد لزّأً فيدَّعون أنهم أتباعه ، ونحن نسألهم من أي بلد كان أحمد وأين عاش؟ إنه عراقي ولد ومات في بغداد ، فأنتم إذاً يا من تنسبون أنفسكم إلى الحنابلة تدينون لأهل العراق بالفضل .
ب. و يدَّعون بأن محمد بن عبدالوهاب بعدما طرده علماء مكة والمدينة (كما فعل الشيخ الكردي) ذهب إلى العراق ودرس العلم هناك؟ ومع علمنا أنه لم يتتلمذ هناك إلا على رجال المخابرات البريطانية والذين عادوا به من بعد مزفوفاً إلى نجد بحجة أنهم عبيد أتراك اشتراهم ، فإننا سنسايركم إلى (رزِّ الباب) – كما يقال – فنقول والحال هذا فإن لأهل العراق عليكم كبير فضل بإيواء مجدد دعوتكم أولاً ، وبتعليمه ثانياً.
وكما ترون فمبدأكم ومنتهاكم هو من فضل أهل العراق ، وصاحب الفضل لا يسب من كان له عليه فضلا.

3. حاول الشيخ أن يلصق بالعراق أموراً يظنها من المساوئ التي إن أثبتها تساوت العراق بها مع نجد فذكر خروج أهل حروراء ، والجهمية ، والمعتزلة ، والصوفية ، والشيعة بها ؛ بل إنه عندما ذكر الشيعة قال (أفلا يستحي أهل هذه العظائم من عيب أهل الإسلام ولمزهم بوجود مسيلمة في بلادهم)اهـ. وهذا كلام شنيع وماذا بعد الحق إلا الضلال ، وهل يساوى من يتشيَّع لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمن ادَّعى النبوَّة أو ارتدَّ عن الإسلام وقتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى خشي عمر الفاروق رضوان الله عليه على القرآن من الذهاب بتقتيل أهل نجد لحفَّاظه ؟! ألا ذلك هو الضلال المبين.
باختصار لا أرى مدعاة للدفاع عن العراق ، ففي ما قلته في جوابي السابق كفاية لمن أراد الحق ، ولكننا لا نحكم بخيرية بلد على بلد وقوم على قوم إلا بنص ثابت لا كما يفعل الشيخ حين حكم بأن أهل نجد هم خير من أهل الأمصار في قوله :(ولا يشك عاقل إنهم أفضل من أهل الأمصار ، قبل استيطان الصحابة وأهل العلم والإيمان)اهـ.، أقول بل إننا نقطع بأن أهل نجد ليسوا بأفضل من أهل الأمصار ، فقد حكم الرسول الكريم بأفضلية أقوام كما قال في أهل عمان مواسياً أحد أصحابه الذي ذهب ليدعو حياً من أحياء العرب فرجع مضروباً فقال له r : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ)[8] ، وبأفضلية أهل اليمن وأن الإيمان يمان وأن الحكمة فيهم[9] ، هذا بينما حكم القرآن الكريم على الأعراب عموماً بالنفاق فقال {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(97)} التوبة. ثم استثنى منهم البعض فقط فقال {وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(99)} وحكم الرسول الكريم بأن القسوة وغلظ القلوب فيهم فقال ( أَلَا إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ (وهم الرعاة أصحاب الإبل!!) عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ)[10] وقوله (.. وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ)[11] فكيف يكون لهم بعد ذلك فضل على غيرهم أم أنكم لا تعتمدون القرآن والسنَّة كمصادر للحكم إن لم ينص على ذلك ابن تيمية أو أحد تلاميذه؟!
أقول : ولو كان الأمر بقراءة بعض الأحداث فقط كما فعل الشيخ للزمه أن يخرج مكَّة شرفها الله من قائمة التقديس لأن أهلها آذوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل وأخرجوه منها مع أنها أحب بلاد الله إليه. كلا يا أخا العرب ليس الأمر كما تزعمون ، ولكننا نتَّبع النَّص فما ورد فيه نص ثابت قاطع في خيريته فضَّلناه ، وما ورد نص ثابت قاطع في أنه بلاد الزلازل والفتن حكمنا عليه بذلك.

4. ذكر الشيخ حديث أبي هريرة في تكريم النبي r لتميم ، ومشاركة طي وهوازن وذهل وشيبان في الفتوح الإسلامية ليبني على ذلك تخليص نجد من قارعة الحديث. أقول هذه القبائل لم تكن محصورة في نجد حتى يصحَّ الاستئناس فكثير من أهل الجزيرة هم من هذه القبائل ، هذا من باب ومن باب آخر فإن المشاركة في الجهاد فرض على القادر فلا مناص لقبيلة بأكملها أن تتخلف عنه وعمر الفاروق حيٌّ يرزق ، وأي قبيلة ترضى لنفسها هوان كهذا بأن تجلس لحلب الإبل والناس في حومات الوغى! والشيخ عموماً قد ناقض نفسه من حيث لا يدري فأهل حروراء الذين تنقَّص بالعراق لأنهم ظهروا فيها - ومنهم صحابة كرام كعبدالله بن وهب الراسبي وشجرة بن أوفى الذي شهد بدراً - كثير منهم من تميم ، فهل هنا هو لهم مادح أم قادح؟! أما نحن فإننا لا ننكر أن في تميم رجال أنعم الله عليهم بالاستقامة ويكفيك أن منهم ذلك العلم الفذَّ عبدالله بن إباض التميمي ، وأضرابه ممن نرجوا أن يشملهم قوله سبحانه{وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} والحكم على الرجال لا يكون زرافات بل وحدانا {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا(13)} الإسراء. وعلى كل حال لو كانت الأنساب والقبائل تغني عند الله شيئاً لأغنت صناديد قريش ، فلا مجال للتخلص من قارعة حديث نجد بتكريم تميم ، أو جهاد طي وهوازن.

5. قال الشيخ (فأفضل البلاد والقرى في كل وقت وزمان ، أكثرها علما وأعرفها بالسنن النبوية ، وشر البلاد أقلها علماً ، وأكثرها جهلاً وبدعة وشركا ..) وهذا كلام ظاهره فيه الخير ، ولكن المقياس كثيراً ما يحكمه التعصب للمذهب أو ما ساواه حتى يخَّيل لفرقة ما بأنهم أصحاب السنَّة ومخالفيهم أصحاب البدعة والشرك فيستحلوا دماءهم وأموالهم بغير حق ، وهذا الفكر عينه ما ساق ابن عبدالوهاب لأن ينادي الناس بالهجرة من مكة والمدينة إليه في نجد ليحلق رؤوسهم لأن تلك البلاد بلاد بدعة وشرك وبلاده بلاد السنة والاستقامة وعليهم أن يبدءوا طاهرين بشعور لم يقترفوا فيها شركاً! وهذا عينه ما يستمر عليه أفراخهم اليوم فهم لا يترددون أن يطلقوا على المدينة المنورة اليوم اسم (هوليوود)!

6. واستدل الشيخ برواية الطبراني في الكبير (دخل إبليس العراق فقضى فيه حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرَّخ وبسط عبقريه) وهذه الرواية ضعيفة لا تقوم على ساق متناً ، أما سنداً فيكفيك أنَّ فيها حرملة بن يحيى الذي إن بحثت عنه فستجده منـزلته في (الضعفاء للعقيلي) (1/322 برقم 398) و(الضعفاء والمتروكين) (1/196 برقم 790) قال يحيى : (ذُكرت عنه أشياء سمجة كرهت ذكرها) وقال الرازي (لا يحتج به). فكيف تحتجون أنتم به ؟!، وأنا أترك الباب لأهل الأزهر الشريف ليبينوا للناس عوار الرواية ، ولكن في هذا تنكيس لأعلامكم من حيث لا تعلمون ، فإنَّ ابن تيمية حورب محاربة شديدة في بلاد الشام بل ورموه في سجن القلعة حتى مات ، وأنت ترى أن من أشد الناس اليوم على الوهابية علماء الشام وأهلها ، وإذا ما تابعهم أحد هجروه ، وليس آخر كتب فطاحل علمائهم (السلفية ليست مذهباً إسلامياً) فهذا الحديث قد ينقلب حربة عليكم ، فتمهلوا وانظروا في عاقبة أمركم ولا يغرنَّكم الدرهم والدينار فإن في الدنيا من لا يبيع دينه بذاك!

7. وكذلك استنصر الشيخ بالطبراني مرة أخرى ليجد عنده في الكبير رواية تذكر (عراقنا) وذلك في حديث (هنالك الزلازل والفتن) وهي سقيمة بهذا اللفظ لأن الطبراني انفرد بها وفيها رجل كذَّاب اسمه الحسن ابن علي المعمري ويقال له المعامري ، راجعه في (لسان الميزان) (2/221 برقم 975) ، و (الكامل في ضعفاء الرجال) (2/337 برقم 473) قال جعفر بن الجنيد والرازي (كذاب). وهكذا يبين لكم بأن ما تعلَّقتم به ما هو إلا برق خلَّب وسراب في مهمهة!

8. قال الشيخ (وأصل نجد ما ارتفع من الأرض) وقد ذكر ذلك علماء قبله كابن حجر ، وكما يقال (وفي المعاريض مندوحة عن الكذب) ففي اللغة هذا صحيح ، ولكننا لا ندري إن كان الشيخ يقول هذا ليخلص بأن (نجدنا) التي في الحديث إنما تعني كل مرتفع من الأرض ليشمل بذلك أحداً والصفا والمروة وطور سينين وغيرها من الأماكن الشريفة المرتفعة عن الأرض ؛ وتتساوى مع نجد الأعراب المعروفة بهذا الاسم لا غيره ، وذلك بناء على مقولة : (عليَّ وعلى أعدائي)! وهذا كلام سقيم فالاسم (نجد) إذا أطلق هكذا عند ذكر أسماء بلدان معروفة كالشام واليمن لا يمكن مع من كان له مسيس عقل إلا أن يعني بلدة بعينها فكيف إذا لحقه التعريف بالإضافة في قولهم (نجدنا) !
هذا من باب ومن باب آخر فإني راجعت الخرائط القديمة التي جمعها علماء مصر العظيمة برئاسة الأستاذ العلامة حسين مؤنس في موسوعته (أطلس التاريخ الإسلامي) والخرائط الحديثة أيضاً[12] ، فلم أرَ في الدنيا بلاداً تسمَّى نجداً إلا واحدة ، وإن كنتم تعرفون غير ما يعرفه علماء الجغرافيا فأتحفونا بها يا هداكم الله ودعكم من (قال الداوودي ) فليس هناك من بقعة تسمى بلاد لا يعرفها إلا رجل واحد إلا إن كانت بقعة تحت سريره.

9. ذكرت لي في الختام أن الشيخ ابن عبدالوهاب هضم كتابات ابن تيمية وابن القيِّم فنفخت فيه روح الثورة[13] على الأوضاع الفاسدة وأنه استطاع بعد ذلك (أن يزهق باطل أولئك المردة والمشركين ، وأن يزيِّف شبه علمائهم ودعاة مذاهبهم)اهـ. ، وكذلك نصَّ شيخك في رده على الكتابيِّ مشيراً إلى هذه الدعوة بأن أهل نجد تصدَّوا (للرد على دجاجلة عبَّاد القبور الدعاة إلى تعظيمها مع الله تعالى)اهـ.
ونحن نتعجب لهذه الجرأة في إخراج الناس ببساطة شديدة من حظيرة الإسلام إلى الشرك ، فإخراج مسلم من الإسلام لا يصح إلا ببرهان واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار ، وقد قتل ابن عبدالوهاب أقواماً بينهم وبين الشرك فراسخ كما فعل مع الشيخ (عثمان بن حمد بن معمر) فقتله يوم الجمعة وهو قائم في المسجد من غير موجب للقتل يستحل به دمه! وأنت لا أظنك تجهل جزاء من يقتل مؤمناً متعمدا.
ولأن الدعوة الوهابية قامت في نجد وهناك سفكت الدماء الكثيرة فأنتم قد حكمتم على قومكم بأنهم كانوا أهل شرك وأزهقتم باطلهم ، ، أما مكة والمدينة فلا أظن أنكم تقولون جهاراً أن الشرك كان بهما أيضاً ، فيتبين من قولكم أن أهل نجد ارتدوا مرة أخرى عن الإسلام بعد الردة الأولى ، فلماذا تدافعون عنها إن كان هذا حال أهلها؟

10. أشكرك على الدعوة إلى العقيدة السلفية ، وكم أنا أتوق إلى ما هو خير ، ولكن كيف لدعوتكم أن تكون سلفية ومبتدأها الأمس القريب مع ابن تيمية ، وتكون دعوتي غير سلفية مع أنها متواصلة النقل من لسان المصطفى عليه أزكى الصلاة والسلام إلى أصحابه ثم إلى التابعين ومن أتى بعدهم من حملة العلم الذين ما زالوا ظاهرين لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة ، ولدينا ذلك النقل المتواتر منصوصاً عليه في كتبنا يأخذه العدل عن سابقه من غير تحريف ولا تزييف؟
إن الإسلام أتى فحرر الإنسان وفكره من أغلال تقليد السالفين ، فجعل عبادة الله غير مقيدة بأحد ، وجعل الأسوة الحسنة في رسول الله r {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21)} الأحزاب. فلا يلزم المرء أن يمر عبر صنم يسمَّى هُبل أو رجل يدعى ابن تيمية حتى يكون دينه صحيحاً مستقيما ، بينما أنتم ترون أن الواجب علينا اليوم أن نقلِّد ابن تيمية وشيعته وأن يكونوا هم الأسوة ، وتدعون سبيلكم هذا سلفية!.

أخي: إنَّ أفضل ما يمِّز منهجي عن غيره أنه لا يجعل لنا قدوة إلا رسول الله r ؛ فلم نجعل لنا إماماً نقلده إلا هو ، فلا قدسية لأحد من العلماء لدينا ولا حاجة لتوسيطهم بيننا وبين ربِّنا ، فما لم يوافق الحق من أقوالهم رددناه ، لذا فلا تجد لدينا تعصباً للرجال بل للحق الذي يدعمه النص ، أما منهجك فهو يضع هالة من القداسة على ابن تيمية وشيعته ، وتقولون (بأن لا خير في قرآن ولا سنَّة بغير فهم السلف ) مع أن الخير كل الخير في كتاب الله وسنّة رسوله من غير وساطة أحد ، كل هذا في الوقت الذي تتنقصون فيه بالشيعة الذين يضعون القداسة على أهل بيت رسول الله r الذين ثبت تطهيرهم وأفضليتهم بالقرآن والسنَّة ، ولو كان ابن تيمية وابن القيم معصومَين لكانا نبيَّين ، مع أن الإسفاف بلغ بهما إلى مزالق عظيمة ليس القول بفناء نار جهنم إلا أحدها ؛ أي أن يتحول أهل الشرك والأوثان إلى جنّات النعيم ، فأي شرك هذا الذي تحاربه سلفيتكم ، ولأي فكر تجديدي تدعوني يا هداك الله!

وختاماً لهذا الفصل فإنك ترى أيها القارئ إسفاف الفكر الوهابي ، وعدم قدرته على العطاء بعد أن وضع على عينيه غشاوة التقليد لابن تيمية ونفى كل ما يخالف قوله ، مع أن ابن تيمية وليد الأمس وليس ممن عصمه الله من الخطأ ، حتى وصل بهم الحال إلى تحوير معنى قول رسول الله r عندما عجزوا عن تضعيفه بقصد الانتصار للفرقة والمذهب ، وما هذا إلا ضرب من الكذب المتعمد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

تحذير. منطقة آثار
ما فتئت بعثات الاستكشاف الغربية منذ أمد بعيد تنقب في بلاد المسلمين عن كل أثر جاهلي لتصنع منه قوى الشرِّ رموزاً تحوم حولها بلاد العرب خاصة ؛ لنمسي ومنا الفرعوني ، ومنا البابلي ، ومنا الأشوري ، وهناك الحضارة السومرية وهنا حضارة مجان وتلك حضارة دلمون ، وأثر هنا يقول أنَّ بعضنا من قوم عاد وأثر هناك يدل على أن بعضنا من قوم ثمود ، والخلاصة أن المراد بنا أن نعود أقواماً متعددة لا يربطها إلا الجاهلية‍ وأَخذُ ربِّك.
وللغرب من يهود ونصارى عذرهم في ما يفعلون فهم العدو وعلينا أن نحذرهم ، ولكن ماذا إذا كان الهجوم علينا من الداخل ؟ ماذا إذا كان الهجوم من قوم يهدمون آثار الإسلام ويعمرون آثار اليهود ؟ نعم إن ذلك كائن على أرض فلسطين بأيدي اليهود ، ولكنه وللأسف واقع أيضاً في أرض الحرمين الشريفين ؛ بل وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصاً من قِبَل الوهابية! وفي الناس من سيستعظم ما أقول ، فأقول رويداً ، ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوِّدِ.
لقد قلنا أن الخطة التي أعدَّها المستر همفر لحفيد شلمان قرقوزي المدعو محمد بن عبد الوهاب القضاء على شعائر الإسلام ، ولكن لاستحالة هدم الكعبة[14] وكذلك المسجد النبوي[15] فقد اعتذر ابن عبدالوهاب عن تنفيذ ذلك ولكنه ما برح هو وأسلافه يمحون آثار الإسلام بأرض الحرمين أثراً بعد أثر بينما هم يعمرون آثار اليهود ! نعم آثار اليهود بل والمنافقين ؛ وإليك الأدلة:

1. المساجد
لقد هدم الوهابية الكثير من المساجد الأثرية الإسلامية وأقاموا مكانها مواقف للسيارات ! ومن هذه المساجد مسجد الشمس ومسجد ثنية الوداع ومسجد الغرس ومسجد الفضيخ ، وكلها مساجد جاءت روايات كثيرة تدل على أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد صلى فيها ، فكيف للوهابية أن يتصرف الوهابية فيها بهدمٍ وتخريب؟! ولا يجوز بحال أن تهدم المساجد لتقوم مقامها مواقف للسيارات ، فكيف إذا كانت هذه المواقف غير ضرورية إطلاقا؟ أما الادعاء بأن الناس يعبدونها من دون الله فهذا من الكذب والبهتان على المسلمين والتصرف في آثار الإسلام بغير حق ، ولو كان المسلمون بهذا التطرف لعبدوا الكعبة أو المسجد النبوي أو القبر الشريف لا مساجد أخرى.

2. دار سعد بن خيثمة
وهو أول بيت نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مجيئه المدينة المنورة ، وهو جنوب مسجد قباء قرابة عشرين مترا ، وقد بنى الناس على أنقاضه مسجداً يعبدون الله فيه لتبقى تلك الذكرى العبقة حيث أول منـزل نزله الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، ولكن يأبى الوهابية أن يتركوا للإسلام الحنيف أثراً ، فبعد أن هدموا العقائد لا بد أن يهدموا الآثار ، فهدم في أكتوبر من عام 1987 وحوِّل موقفاً للسيارات!
3. الآبار
ومن الآبار التي هدِّمت :
أ. بئر أريس[16] ، وهي بئر تقع على ميلين من المدينة[17] ، وهي التي سقط فيها خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من يد عثمان[18] رضي الله عنه ؛ يقول السمهودي (وهي البئر المعروفة اليوم بقباء من أعذب آبار المدينة)[19] وقد طمسها الوهابية بحجة منع عبادتها من دون الله ! وهل فينا من رأى مسلماً أو كافراً يعبد الآبار؟!ب. وبئر غرس[20] وهي بئر رسول الله صلى الله عليه وسلم[21] تقع شرقي مسجد قبا بنصف ميل. روى ابن سعد في الطبقات الكبرى[22] ( وكان – أي الرسول صلى الله عليه وسلم- يشرب من بئر غرس بقاء وبرك فيها وقال هي عين من عيون الجنة .. عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على شفير بئر غرس رأيت الليلة أني جالس على عين من عيون الجنة يعني هذه البئر .. عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئر غرس من عيون الجنة .. عن عمر بن الحكم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم البئر بئر غرس هي من عيون الجنة وماؤها أطيب المياه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب له منها وغُسِّل من بئر غرس[23] .. عن سعيد بن رقيش قال سمعت أنس بن مالك يقول جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء فانتهى إلى بئر غرس وإنه ليستقي منها على حمار ثم نقوم عامة النهار ما نجد فيها ماء فمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدلو ورده فيها فجاشت بالرواء..)[24] لقد دمَّر الوهابية هذه الآبار بحجة منع الناس من عبادتها ، مع أنها آبار مباركة من عيون الجنة ، فلماذا يهدم الوهابية آثار الإسلام؟!
4. تل الرماة وغار جبل أحد
وهو تل وقف عليه الرماة في غزوة أحد ، وله أهمية بالغة في تاريخ الأمة العسكري ، ولأخذ العبرة والعظة في وجوب الالتزام المطلق بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن يأبى الوهابية إلا محو معالم الإسلام فهدموه حتى لم يبق منه إلا جزءا يسيرا. أما غار جبل أحد الجبل الذي يحبنا ونحبه والذي صعد إليه الرسول الكريم بعد أن كسرت رباعيته في معركة أحد وقد بني على هذا الغار وسُد لكي لا يبقى له من أثر.

5. الخندق وسور المدينة المنورة
الخندق معلم حضاري عسكري إسلامي ، فيه عبر ومواعظ ، يمتد من طرف الحرة الشرقية إلى طرف الحرة الغربية من الناحية الشمالية[25] ، حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين مع أصحابه الأطهار رضوان الله عليهم ، ردمه الوهابية وطمسوا معالمه منذ بضع سنوات.
ومن بين الآثار التي هدمها الوهابية[26] سور المدينة المنورة ، وقد دمِّرت أبوابه ومسجد بقربها سنة 1984 وحوِّل مكان المسجد إلى موقف للسيارات[27].

حماية آثار اليهودفي الوقت الذي تخفى فيه آثار الإسلام بالمدينة ، يحمي الوهابية آثار اليهود والمنافقين :
أ‌. فبالنسبة لآثار اليهود فقد وضعت لائحة أمام حصن كعب بن الأشرف رأس اليهود تقول (تحذير. منطقة آثار) أي أن من يمس حصن كعب بن الأشرف يقع تحت طائلة العقوبات الواردة بنظام الآثار بالمرسوم الملكي رقم و/26 الصادر في 12/1392!
ب‌. وبالنسبة لآثار المنافقين فقد كان للشمال الشرقي من مسجد قباء وبالقرب منه[28] مسجد الضرار ، فهدم الوهابية أصل مسجد قباء من حيث المحراب ولم يعد له أي معلم بينما مُدَّ البناء الجديد باتجاه مسجد الضرار ليدخل فيه! وهذا غير جائز شرعاً بعد أن قال الله سبحانه فيه {لا تقم فيه} فهاهم الوهابية يُخرجون الناس من قباء إلى الضرار ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

بأمر من يحدث كل هذا
ختاماً لك أن تسأل : بأمر من يتم هذا التشويه ؟!
هذا الدمار يشرف عليه ذرية محمد بن عبدالوهاب (آل الشيخ) ففي وثيقة رسمية سعودية تحمل رقم 9696/3م بتاريخ 21/4/1396 وقعها الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعرف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ جاء ما يلي (نزع ملكية البستان الواقع بالمدينة المنورة جنوبي البقيع الذي توجد به النخلتان اللتان يقال أنهما لسلمان الفارسي[29] ، وجعله حديقة عامة ، حيث أن موقعه صالح لهذا الغرض ، وليتحقق بذلك إخفاء معالم النخلتين)! ولتعلم النخل فإنها من فسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بارك الله فيه فآثار النخل باقية تقوم الواحدة على أثر أمها ، فقد جاء عند أحمد بسند صحيح في حديث سلمان الطويل عن محمود بن لبيد وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم جميعا: (.. ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ أَعِينُوا أَخَاكُمْ فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً[30] وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ يَعْنِي الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلَاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ[31] لَهَا فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ فَفَقَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعِي إِلَيْهَا فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ .. )[32]
وهكذا أخي القاريء يأمر آل الشيخ بحرق نخل زرع أصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا يؤدي الوهابية دورهم التاريخي الذي لن ينساه الدهر ، ليصبح وجود المسلمين في المدينة[33] حادثاً قريبا ، فلا آثار لهم إلا مباني حديثة ، ومجلات تباع على أرصفة مواقف السيارات الكثيرة! عناوينها : الشبكة والموعد وسيدتي وهي وهو..الخ ، وكي أكون منصفاً فهناك أيضاً محلات لبيع الجينـز والدخان المعسَّل والأمريكي ، بينما حق اليهود ثابت في يثرب[34] ، آثارهم ما تزال عامرة باقية ، فلهم أن يطالبوا بها في أي لحظة ، فهي من الآثار العالمية التي يجب المحافظة عليها بلائحة (تحذير. منطقة آثار).[35]


إحراق المكتبة العربية بمكة المكرمة
محاولات الوهابية مستميتة لتغيير الخريطة الإسلامية وخاصة في مكة والمدينة ، وههنا سنتحدث عمّا فعلوه بمكة المكرمة لإخفاء آثار المسلمين ، والتي سقطت في أيديهم على يد الشيخ جون فيلبي كقائد للفلول الوهابية ، وبعد استسلام الملك علي بن الحسين للبحرية الإنجليزية وانتقاله إلى العراق عبر جدّة.

لقد قتل الكثير من الأبرياء في مكة وأكلوا الجيف والكلاب[36]، وإيماناً من أحفاد شلمان قرقوزي وأتباعه بعدم جدوى هدم الكعبة المشرفة والمسجد الحرام[37] ؛ فقد اتجهوا لأسلوب أمثل وهو تشويه التاريخ عبر الجغرافيا ، فاتجهت أنظارهم لتشويه الملامح ، عبر القضاء على كل أثر إسلامي سوى البيت الحرام في مكة المكرمة فتم تدميره ، وكان لا بد من تم تصفية الجانب الفكري فهو أهم جوانب حياة الأمة ؛ فاتجهوا لأهم مركز إسلامي لحفظ الوثائق ، ومكتبة من أنفس مكتبات الأرض قاطبة وهي المكتبة العربية في مكة المكرمة فتم إحراقها !!
ما الذي تحويه المكتبة ؟
لقد كانت هذه المنارة أكثر وأكبر من مكتبة بالمعنى الحرفي ؛ إذ كانت تحوي ستين ألفاً (60,000) من الكتب النادرة ، وحوالي أربعين ألف (40,000) مخطوطة ، بعضها مما أملاه النبي r ، وبعضها كتبه الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ، ومنها ما هو مكتوب على جلود الغزلان والعظام والألواح الخشبية والرقم الفخارية والطينية ، كما كانت المكتبة تشكل في جانب منها متحفاً يحتوي على مجموعة من آثار ما قبل الإسلام وبعده.[38]
لقد ذهب كل هذا أدراج الرياح ، فأخبرني من فعل مثل هذا عبر التاريخ الإسلامي[39] ؟

بذهاب هذه المكتبة ذهبت كثير من المخطوطات النادرة ، والآثار الإسلامية التي لم ير المسلمون مكاناً أئمن لحفظها من مكة المكرمة فنقلوها إليها من كل حدب وصقع ، فما كان من الجيش الذي لا يجيد حتى القراءة إلا أن ألقمها النار!
إن هذا التصرف الدنيء ليبرهن على مدى عداء هؤلاء للإسلام ، ومحاولتهم اليائسة لطمس معالمه ، وهو تصرف ما يزال الوهابية يمارسونه بأشكال مختلفة ، فهم يحرقون كتب المسلمين التي ترد إلى بلادهم ، ولا تناسب أهواءهم ، ومن أراد أن يرى طرفاً من ذلك فعليه بملاحظة فرقهم المتخصصة في مصادرة كتب المسلمين في المطارات أثناء قدومهم لأداء فريضة الحج ، ومن ذلك تزويرهم لكتب المسلمين حيث يقدمون على أمهات الكتب الإسلامية فيعيدون طباعتها ، فيحذفون منها ويزيدون ، بل ويتجرءون على أئمة المذاهب الأربعة فيحرفون كلامهم ليتناسب وعقيدتهم عقيدة التجسيم ، وقد فضحهم علماء الأمة فبيَّنوا سرقاتهم وتحريفهم ، ومن أراد الإطلاع على شيء من ذلك فعليه بمطالعة مؤلفات العلامة حسن بن علي السقَّاف ، ومن حوادثهم الأخيرة - التي نقلها إلينا من يوثق خبره - أن عمِدَ أحدهم إلى مُغافلة أمين مكتبة إحدى أعرق الجامعات الأردنية عام 1417هـ ، فتخلَّف في المكتبة طول الليل يُقطِّع أوراق الكتب التي لا تتناسب مع أهوائهم الوهابية ، حتى إذا أصبح عليه الصباح اختلط بزوار المكتبة ، وخرج مخلفاً آثاره السيئة بالمكتبة ، وهذا من المضحكات المبكيات فتضحك لسخافة عقول هؤلاء وكأنهم لا يدركون أن نسخاً أخرى كثيرة من تلك الكتب لا تستطيع أن تدركها أيديهم العابثة ، وتبكي في الوقت ذاته لوجود أمثال هؤلاء السخفاء ينهشون في جسد الأمة بل في قلبها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.




[1]وقد روى مسلم في هذا الباب أيضاً الكثير من الأحاديث حيث أشار النبي صلى اللهعليه وسلم إلى أرض بعينها قائلا (وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقِ هَا إِنَّالْفِتْنَةَ هَاهُنَا هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا هَا إِنَّ الْفِتْنَةَهَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ)



[2]حرقوص هو ابن زهير السعدي صحابي كريم ، وقائد قوات عمر بن الخطاب لفتح الأهوازالتي استعصت على غيرها فاختاره لها ففتحها الله على يديه رضي الله عنهم أجمعين.



[3]ابن تيمية : مجموع الفتاوى 5/410



[4]ابن الجوزي ، الرد على المتعصب العنيد ، 16 . والشبراوي ، الإتحاف بحب الأشراف ،63-64.



[5]كابن كثير في البداية 8/232



[6]وقد أثبت ذلك شعراً العلامة المنعمي (وهو من الأشراف) ، وذلك لما قتل ابنعبدالوهاب جماعة أبوا حلق رؤوسهم فقال الشيخ قصيدة عصماء منها :


أفي حلق رأسي بالسكاكين والحدّحديث صحيح بالأسانيد عن جدي



[7]قد يكفي المصريين أن حتى فنانيهم يقاطعون التطبيع مع إسرائيل ! فكيف حال علمائهمبخلاف علمائكم ، ألم تسمع إلى شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي في خطبة الجمعة يوم 29شعبان 1419هـ يقول عن الاعتداء الأمريكي البريطاني الأخير على العراق والمتواطئينمعهم بتسخير أراضيهم لهم ، خلال العملية المسماة (ثعلب الصحراء) فقال وهو يمثلالأزهر الشريف : (إن سماح أي دولة عربية لانطلاق المعتدي من أراضيها هو حرام)فهل لدى علمائك النجديين أدعياء السلفية مثل هذه الشجاعة يا من تتهجم على مصركاسية الكعبة يوم كنتم لا تملكون درهماً ولا دينارا ؟!



[8]رواه مسلم وأحمد



[9]كما رواه البخاري وغيره



[10]من رواية البخاري وقد رواه آخرون غيره.



[11]رواه البخاري وغيره



[12]كأطلس إنكارتا 99



[13]النفخ لا أشك فيه مطلقاً ‍



[14]تراجع مذكرات همفر ، لأن العالم الإسلامي سينقلب عليهم ؛ كما فعل محمد علي باشافقضى على الوهابية حقبة من الدهر.



[15]بحجة تطهيره من بدعة دخول قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وما تزال الزعاماتالوهابية ترى أن الأولى إخراج قبر النبي من المسجد.



[16]يراجع السمهودي ، وفاء الوفا ، ص 942-949



[17]ابن حبان ، الثقات ، 2/294



[18]روى الحادثة البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن سعد في الطبقات.



[19]السمهودي ، وفاء الوفا ، ص 984 ، وقد أورد ما يقارب السبع صفحات في كتابه لذكرهاوفضلها.



[20]يراجع السمهودي ، وفاء الوفا ، ص 978-981



[21]رواه ابن ماجة وابن حبان وابن سعد وغيرهم



[22]1/502 نقلته باختصار وإلا فإن ابن سعد قد سرد كل الآبار المعروفة المباركة التيكان يستقي منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.



[23]وله شاهد عند ابن ماجة في كتاب ما جاء في الجنائز ، وكذلك ابن سعد في رواية أخرى.



[24]يراجع كذلك ابن حبان ، الثقات ، 5/50 برقم 3804 في رواية عن أنس بن مالك رضيالله عنه.



[25]هو بذلك يزيد طولاً على الكيلو مترين



[26]هذا السور لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه بني من بعد وهو على كلحال أثر من آثار المسلمين ، تحدثنا عنه لأن الحال التي عليها القوم هي طمس معالمالمدينة الإسلامية في الوقت الذي يحمون فيه آثار اليهود.



[27]كان المسجد قرب باب المصري مع سوق الحبَّابة سابقاً وهو ضمن موقف السيارات الذيبني فوق المسجد ، وجريمة المسجد أن من بناه سماه مسجد فاطمة فاستحق بذلك الهدم فيالشرعة الوهابية!



[28]يقول ابن النجار (وهذا المسجد قريب من مسجد قباء).



[29]الشيخ ممن يترضى على يزيد بن معاوية وهو هنا لا يترضى على سلمان الفارسي رضي اللهعنه.



[30]أي الشتلة



[31]أي احفر



[32]وروى الخبر ابن عبد البر والطبراني برجال الصحيح



[33]والذي فعلوه في مكة لا يقل بشاعة عما فعلوه بالمدينة وإنما هي مثال.



[34]ينقل همفر ذلك حرفيا في مذكراته في الفصل السابع ص 76 حين تعرض لإفشاء وثيقةبريطانية سرية بعد انتهاء مفعولها (50 سنة بحكم القانون البريطاني خفضت إلى 30سنة عام 1967) وتحديداً في البند الرابع الذي يقول (4. إعطاء قطع من البلادالإسلامية بيد غير المسلمين فأولاً يثرب لليهود..) وهاهم اليهود يرمقون مكة منالقرن الإفريقي من أرتيريا تحديداً حيث تقبع طائراتهم وراداراتهم لا يفصلها عنالمدينة إلا معبر ضيِّق هو بحر القلزم (الأحمر) على علم الوهابية وسمعهم من غيرإنكار ولا استنكار ، وأنى لهم ذلك وهم مشغولون بالأهم وهو تفريق وحدة المسلمين!



[35]للتوسع يراجع عمر عبد القادر المغربي ، الآثار النبوية التي هدّمها الحكم السعوديفي المدينة المنورة.



[36]راجع موضوع احتلال مكة.



[37]فالقرامطة حاولوا ذلك من قبل وعاد الحجر الأسود إلى موضعه بعد حين ، ولكن الجديدأن تم الإستيلاء على إمامة الحرمين لتصدير أفكارهم المشبوهة عبر أكثر من سبيل ،ونجحوا في ذلك أيما نجاح في صفوف العامة بعد خصوصاً بعد طمس جانب كبير من الحقيقة.



[38]د. محمد عوض الخطيب ، صفحات من تأريخ الجزيرة العربية الحديث ، دار المعراجللطباعة والنشر ، ص 189، وناصر السعيد ، تاريخ آل سعود ، ص 180


[39]اتهام للمغول بفعل مثل هذا لم يثبت تاريخياً ؛ وإن كان الناس يأخذونه كأحدالمسلمات ، تراجع مجلة العربي مارس 1999 ص 128-130 مقال بعنوان (هل أتلف المغولحقاً مكتبة بغداد بقلم عبدالمنعم الأعسم ، وبذا يتفرد الوهابية بإحراق الكتب فيالتاريخ الإسلامي!